" صفحة رقم ٢٧٥ "
وقوله :( أني ممدكم بألف من الملائكة ( هو الكلام المستجاب به ولذلك قدره في ( الكشاف ) بأن أصله بأني ممدكم أي فحذف الجار وسلط عليه ) استجاب ( فنصب محله.
وأرى أن حرف ( أن ) المفتوحة الهمزة المشددة النون إذا وقعت بعد ( ما ) فيه معنى القول دون حروفه أن تكون مفيدة للتفسير مع التأكيد كما كانت تفيد معنى المصدرية مع التأكيد، فمن البيّن أن ( أن ) المفتوحة الهمزة مركبة من ( أنْ ) المفتوحة الهمزة المخففة النون المصدرية في الغالب، يجوز أن يُعتبر تركيبها من ( أنْ ) التفسيرية إذا وقعت بعد ( ما ) فيه معنى القول دون حروفه، وذلك مظنة ( أن ) التفسيرية، وأعْتضِدُ بما في ( اللسان ) من قول الفراء :( إذا جاءت ( أن :( بعد القول وما تصرف من القول كانت حكاية، فلم يقع عليها ( أي القول ) فهي مكسورة، وإن كانت تفسيراً للقول نصبتَها ومثله : قد قلت لك كلاماً حسناً أن أباك شريف، فحتَ أن لأنها فسرت الكلام. قلت : ووقوع ( أن ) موقع التفسير كثير : في الكلام. وفي القرآن، ومنه قوله تعالى :( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ( ( المائدة : ٤٥ ) الآية، ومن تأمل بإنصاف وجد متانة معنى قوله :( أني ممدكم بألف من الملائكة ( في كون ( أن ) تفسيرية، دون كونها مجرورة بحرف جر محذوف. مع أن معنى ذلك الحرف غير بين.
والإمداد إعطاء المدد وهو الزيادة من الشيء النافع.
وقرأ نافع، وأبو جعفر، ويعقوب : بفتح الدال من ) مردَفين ( أي يَرِدُ فهم غيرُهم من الملائكة، وقرأ البقية : بكسر الدال أي تكون الألف رادِفاً لغيرهم قبلَهم.
والإرداف الإتباع والإلحاق فيكون الوعد بألف وبغيرها على ما هو متعارف عندهم من إعداد نجدة للجيش عند الحاجة تكون لهم مدداً، وذلك أن الله أمدهم بآلاف من الملائكة بلغوا خمسة آلاف كما تقدم في سورة آل عمران، ويجوز أن يكون المراد بألف هنا مطلق الكثرة فيفسره قوله :( بثلاثة آلافٍ ( في سورة آل عمران ( ١٢٤ )، وهم مردَفون بألفين، فتلك خمسة آلاف، وكانت عادتهم في الحرب إذا كان الجيش عظيماً أن يبعثوا طائفة منه ثم يعقبوها بأخرى لأن ذلك أرهب للعدو.


الصفحة التالية
Icon