" صفحة رقم ٣٤٦ "
لما يفارقوا الكفَر بعدُ فلا يكون المراد بالعود عودَهم إلى الكفر بعد أن يسلموا.
والسنة العادة المألوفة والسيرة. وقد تقدم في قوله تعالى :( قد خلت من قبلكم سنن ( في آل عمران ( ١٣٧ ).
ومعنى ) مضت ( تقدمت وعَرَفَها الناس.
وهذا الخبر تعريض بالوعيد بأنهم سيلقون ما لقيه الأولون، والقرينةُ على إرادة التعريض بالوعيد أن ظاهر الإخبار بمضي سنة الأولين، وهو من الإخبار بشيء معلوم للمخبَرين به، وبهذا الاعتبار حسن تأكيده بقدْ إذ المراد تأكيد المعنى التعريضي.
وبهذا الاعتبار صح وقوع قوله :( فقد مضت سنة الأولين ( جزاء للشرط. ولولا ذلك لما كان بين الشرط وجوابه ملازمة في شيء.
والأولون : السابقون المتقدمون في حالة، والمراد هنا الأمم التي سبقت وعرفوا أخبارهم أنهم كذبوا رسل الله فلقوا عذاب الاستيصال مثل عاد وثمود قال تعالى :( فهل يَنظرون إلاّ سُنّة الأولين ( ( فاطر : ٤٣ ).
ويجوز أن المراد بالأولين أيضاً السابقون للمخاطبين من قومهم من أهل مكة الذين استأصلهم السيف يوم بدر، وفي كل أولئك عبرة للحاضرين الباقين، وتهديد بأن يصيروا مصيرهم.
٣٩، ٤٠ ) ) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُو
اْ أَنَّ اللَّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ).
عطف على جملة ) إن الذين كفروا ينفقون أموالَهم ( ( الأنفال : ٣٦ ) الآية، ويجوز أن تكون عطفاً على جملة ) فقد مضتْ سنة الأولين ( ( الأنفال : ٣٨ ) فتكون مما يدخل في حكم جَواب الشرط. والتقدير : فإن يعودوا فقاتلوهم، كقوله :( وإن عدتم عدنا ( ( الإسراء : ٨ ) وقوله ) وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله ( ( التوبة : ٣ ) والضمير عائِد إلى مشركي مكة.
والفتنة اضطراب أمر الناس ومَرَجهم، وقد تقدم بيانها غير مرة، منها عند قوله


الصفحة التالية
Icon