وهذا قول حسن. وقال قطرب : يجوز أن يكون جمع بينهما للتوكيد. قال أبو إسحاق : وهذا قول حسن. وفي التوكيد أعظم الفائدة، وهو كثير في كلام العرب، ويستغني عن الاستشهاد، والفائدة في ذلك ما قاله محمد بن يزيد : إنه تفضل بعد تفضل، وإنعام بعد إنعام، وتقوية لمطامع الراغبين، ووعد لا يخيب آمله.
الرابعة وعشرون- واختلفوا هل هما بمعنى واحد أو بمعنيين ؟ فقيل : هما بمعنى واحد ؛ كندمان ونديم. قاله أبو عبيدة. وقيل : ليس بناء فعلان كفعيل، فإن فعلان لا يقع ألا على مبالغة الفعل، نحو قولك : رجل غضبان، للمتلىء غضباً. وفعيل قد يكون بمعنى الفاعل والمفعول. قال عملس :

فأما إذا عضت بك الحرب عضة فإنك معطوف عليك رحيم
فـ "الرحمن" خاص الاسم عام الفعل. و"الرحيم" عام الاسم خاص الفعل. هذا قول الجمهور.
قال أبو علي الفارسي :"الرحمن" اسم عام في جميع أنواع الرحمة، يختصر به الله. "والرحيم" إنما هو في وجهة المؤمنين ؛ كما قال تعالى :﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً﴾ [الأحزاب : ٤٣]. وقال العرزمي :"الرحمن" بجميع خلقه في الأمطار ونعم الحواس والنعم العامة، "والرحيم" بالمؤمنين في الهداية لهم، واللطف بهم. وقال ابن المبارك :"الرحمن" إذا سئل أعطي، و"الرحيم" إذا لم يسأل غضب. وروى ابن ماجة في سننه والترمذي في جامعه عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ :"من لم يسأل الله يغضب عليه" لفظ الترمذي. وقال ابن ماجة :"من لم يدع الله سبحانه غضب عليه". وقال : سألت أبا زرعة عن أبي صالح هذا، فقال : هو الذي يقال له : الفارسي وهو خوزي ولا أعرف اسمه. وقد أخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال :


الصفحة التالية
Icon