حتى دخل بيته، فإذا رجل رث الهيئة، فسمعته يقول سمعت رسول الله ﷺ يقول :"ليس منا من لم يتغن بالقرآن". قال فقلت لابن أبي ملكية : يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يحسنه ما استطاع. ذكره أبو داود، وإليه يرجع أيضا قول أبي موسى للنبي ﷺ :((إني لو علمت أنك تستمع لقراءتي لحسنت صوتي بالقرآن وزينته ورتلته)). وهذا يدل على أنه كان يهذ في قراءته مع حسن الصوت الذي جبل عليه. والتحبير : التزيين والتحسين ؛ فلو علم أن النبي ﷺ كان يسمعه لمد في قراءته ورتلها ؛ كما كان يقرأ على النبي ﷺ ؛ فيكون ذلك زيادة في حسن صورته بالقراءة ومعاذ الله أن يتأول على رسول الله ﷺ أن يقول : إن القرآن يزين بالأصوات أو بغيرها فمن تأول هذا فقد وقع أمرا عظيما أن يحوج القرآن إلى من يزينه، وهو النور والضياء والزين الأعلى لمن ألبس بهجته واستنار بضيائه. وقد قيل : إن الأمر بالتزيين اكتساب القراءات وتزيينها بأصواتنا وتقدير ذلك، أي زينوا القراءة بأصواتكم ؛ فيكون القرآن بمعنى القراءة، كما قال تعالى :﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ أي قراءة الفجر وقوله :﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ أي قراءته وكما جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو قال :((إن البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان عليه السلام ويوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا)). أي قراءة وقال الشاعر في عثمان رضي الله عنه :
ضحوا بأشمط عنوان السجود به | يقطع الليل تسبيحا وقرآنا |