ووجه ثالث : فيقال لم خصص يوم الدين وهو مالك يوم الدين وغيره ؟ قيل له : لأن في الدنيا كانوا منازعين في الملك مثل فرعون ونمروذ وغيرهما وفي ذلك اليوم لا ينازعه أحد في ملكه، وكلهم خضعوا له كما قال تعالى :﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ [غافر : ١٦] فأجاب جميع الخلق :﴿لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر : ١٦] فلذلك قال : مالك يوم الدين، أي في ذلك اليوم لا يكون مالك ولا قاض ولا مجاز غيره سبحانه لا إله إلا هو.
التاسعة عشرة- إن وُصِف الله سبحانه بأنه ملك كان ذلك من صفات ذاته، وإن وصف بأنه مالك كان ذلك من صفات فعله.
الموفية العشرين- اليوم : عبارة عن وقت طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس، فاستعير فيما بين مبتدأ القيامة إلى وقت استقرار أهل الدارين فيهما. وقد يطلق اليوم على الساعة منه، قال الله تعالى :﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة : ٣] وجمع يوم أيام وأصله أيوام فأدغم، وربما عبروا عن الشدة باليوم يقال : يوم أيوم كما يقال : ليله ليلاء. قال الراجز :
نعم أخو الهيجاء في اليوم اليمي
وهو مقلوب منه أخر الواو وقدم الميم ثم قلبت الواو ياء حيث صارت طرفا، كما قالوا : أدْلٍ في جمع دلو.
الحادية والعشرون- الدين : الجزاء على الأعمال والحساب بها، كذلك قال ابن عباس وابن مسعود وابن جريج وقتادة وغيرهم، وروي عن النبي ﷺ، ويدل عليه قوله تعالى :﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ﴾ [النور : ٢٥] أي حسابهم. وقال :﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [غافر : ١٧] و ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية : ٢٨] وقال :﴿أَإِنَّا لَمَدِينُونَ﴾ [الصافات : ٥٣] أي مجزيون محاسبون. وقال لبيد :


الصفحة التالية
Icon