أو من الهاء والميم في "عليهم" أو صفة للذين والذين معرفة ولا توصف المعارف بالنكرات ولا النكرات بالمعارف، إلا أن الذين ليس بمقصود قصدهم فهو عام فالكلام بمنزلة قولك : إني لأمر بمثلك فأكرمه أو لأن "غير" تعرفت لكونها بين شيئين لا وسط بينهما كما تقول : الحي غير الميت والساكن غير المتحرك والقائم غير القاعد، قولان : الأول للفارسي والثاني للزمخشري. والنصب في الراء على وجهين : على الحال من الذين أو من الهاء والميم في عليهم كأنك قلت : أنعمت عليهم لا مغضوبا عليهم. أو على الاستثناء كأنك قلت : إلا المغضوب عليهم. ويجوز النصب بأعني، وحكي عن الخليل.
الخامسة والثلاثون - قوله تعالى :"لا" في ﴿وَلا الضَّالِّينَ﴾ اختلف فيها فقيل هي زائدة، قاله الطبري. ومنه قوله تعالى :﴿مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ﴾ [الأعراف : ١٢]. وقيل : هي تأكيد دخلت لئلا يتوهم أن الضالين معطوف على الذين، حكاه مكي والمهدوي. وقال الكوفيون :"لا" بمعنى غير وهي قراءة عمر وأبي وقد تقدم.
السادسة والثلاثون- الأصل في "الضالين" : الضاللين حذفت حركة اللام الأولى ثم أدغمت اللام في اللام فاجتمع ساكنان مدة الألف واللام المدغمة. وقرأ أيوب السختياني :"ولا الضالين" بهمزة غير ممدودة كأنه فر من التقاء الساكنين، وهي لغة. حكى أبو زيد قال : سمعت عمرو بن عبيد - يقرأ :﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ﴾ [الرحمن : ٣٩] فظننته قد لحن حتى سمعت من العرب : دأبة وشأبة. قال أبو الفتح : وعلى هذه اللغة قول كُثَيّر :
إذا ما العوالي بالعبيط احمأرت
نُجز تفسير سورة الحمد، ولله الحمد والمنة.


الصفحة التالية
Icon