وأصل الضلالة : الحيرة. ويسمى النسيان ضلالة لما فيه من الحيرة، قال له جل وعز :﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾ [الشعراء : ٢٠] أي الناسين. ويسمى الهلاك ضلالة، كما قال عز وجل :﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ﴾ [السجدة : ١٠].
قوله تعالى :﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ﴾ أسند تعالى الربح إلى التجارة على عادة العرب في قولهم : ربح بيعك، وخسرت صفقتك، وقولهم : ليل قائم، ونهار صائم، والمعنى : ربحت وخسرت في بيعك، وقمت في ليلك وصمت في نهارك، أي فما ربحوا في تجارتهم. وقال الشاعر :

نهارك هائم وليلك نائم كذلك في الدنيا تعيش البهائم
ابن كيسان : ويجوز تجارة وتجائر، وضلالة وضلائل.
قوله تعالى :﴿وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ في اشترائهم الضلالة. وقيل : في سابق علم الله. والاهتداء ضد الضلال، وقد تقدم.
الآية : ١٧ ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ﴾
قوله تعالى :﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً﴾ فمثلهم رفع بالابتداء والخبر في الكاف، فهي اسم، كما هي في قول الأعشى :
أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل
وقول امرئ القيس :
ورحنا بكابن الماء يُجنَب وسطنا...
تَصَوَّبُ فيه العين طورا وترتقي


الصفحة التالية
Icon