والسابعة حكاها عبدالوارث قال : رأيت في مصحف أبي بن كعب "يتخطف"، وزعم سيبويه والكسائي أن من قرأ "يخطف" بكسر الخاء والطاء فالأصل عنده يختطف، ثم أدغم التاء في الطاء فالتقى ساكنان فكسرت الخاء لالتقاء الساكنين. قال سيبويه : ومن فتح الخاء ألقى حركة التاء عليها. وقال الكسائي : ومن كسر الياء فلأن الألف في اختطف مكسورة. فأما ما حكاه الفراء عن أهل المدينة من إسكان الخاء والإدغام فلا يعرف ولا يجوز، لأنه جمع بين ساكنين. قال النحاس وغيره.
قلت : وروي عن الحسن أيضا وأبي رجاء "يخِطَّف". قال ابن مجاهد : وأظنه غلطا، واستدل على ذلك بأن ﴿خَطِفَ الْخَطْفَةَ﴾ لم يقرأه أحد بالفتح.
﴿أَبْصَارِهِمْ﴾ جمع بصر، وهي حاسة الرؤية. والمعنى : تكاد حجج القرآن وبراهينه الساطعة تبهرهم. ومن جعل "البرق" مثلا للتخويف فالمعنى أن خوفهم مما ينزل بهم يكاد يذهب أبصارهم.
قوله تعالى :﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ﴾ "كلما" منصوب لأنه ظرف. وإذا كان "كلما" بمعنى "إذا" فهي موصولة والعامل فيه "مشوا" وهو جوابه، ولا يعمل فيه "أضاء"، لأنه في صلة ما. والمفعول في قول المبرد محذوف، التقدير عنده : كلما أضاء لهم البرق الطريق. وقيل : يجوز أن يكون فعل وأفعل بمعنى، كسكت وأسكت، فيكون أضاء وضاء سراء فلا يحتاج إلى تقدير حذف مفعول. قال الفراء : يقال ضاء وأضاء، وقد تقدم. والمعنى أنهم كلما سمعوا القرآن وظهرت لهم الحجج أنسوا ومشوا معه، فإذا نزل من القرآن ما يعمون فيه ويضلون به أو يكلفونه "قاموا" أي ثبتوا على نفاقهم، عن ابن عباس. وقيل : المعنى كلما صلحت أحوالهم في زروعهم ومواشيهم وتوالت النعم قالوا : دين محمد دين مبارك، وإذا نزلت بهم مصيبة وأصابتهم شدة سخطوا وثبتوا في نفاقهم، عن ابن مسعود وقتادة. قال النحاس : وهذا قول حسن، ويدل على صحته :﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ﴾ [الحج : ١١] وقال علماء الصوفية : هذا مثل ضربه الله تعالى لمن لم تصح له أحوال الإرادة بدءا، فارتقى من


الصفحة التالية
Icon