فإن قيل : كيف دخلت "إن" على "لم" ولا يدخل عامل على عامل ؟ فالجواب أن "إن" ههنا غير عاملة في اللفظ، فدخلت على "لم" كما تدخل على الماضي، لأنها لا تعمل في "لم" كما لا تعمل في الماضي، فمعنى إن لم تفعلوا إن تركتم الفعل. قوله تعالى "ولن تفعلوا" نصب بلن، ومن العرب من يجزم بها، ذكره أبو عبيدة، ومنه بيت النابغة :
فلن أعرض أبيت اللعن بالصفد
وفي حديث ابن عمر حين ذهب به إلى النار في منامه : فقيل لي :"لن تُرَع". هذا على تلك اللغة. وفي قوله :﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ إثارة لهممهم، وتحريك لنفوسهم، ليكون عجزهم بعد ذلك أبدع، وهذا من الغيوب التي أخبر بها القرآن قبل وقوعها وقال ابن كيسان :﴿وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ توقيفا لهم على أنه الحق، وأنهم ليسوا صادقين فيما زعموا من أنه كذب، وأنه مفترى وأنه سحر وأنه شعر، وأنه أساطير الأولين، وهم يدعون العلم ولا يأتون بسورة من مثله.
وقوله ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ﴾ جواب ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا﴾ أي اتقوا النار بتصديق النبي ﷺ وطاعة الله تعالى. وقد تقدم معنى التقوى فلا معنى لإعادتها. ويقال : إن لغة تميم وأسد "فتقوا النار". وحكى سيبويه : تقى يتْقي، مثل قضى يقضي. "النار" مفعولة. "التي" من نعتها. وفيها ثلاث لغات : التي واللتِ "بكسر التاء" واللتْ "بإسكانها". وهي اسم مبهم للمؤنث وهي معرفة، ولا يجوز نزع الألف واللام منها للتنكير، ولا تتم إلا بصلة. وفي تثنيتها ثلاث لغات أيضا : اللتان واللتا "بحذف النون" واللتان "بتشديد النون" وفي جمعها خمس لغات :


الصفحة التالية
Icon