﴿أولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ ابتداء وخبر. و"هم" زائدة، ويجوز أن تكون "هم" ابتداء ثان، "الخاسرون" خبره، والثاني وخبره خبر الأول كما تقدم. والخاسر : الذي نقص نفسه حظها من الفلاح والفوز. والخسران : النقصان، كان في ميزان أو غيره، قال جرير :

إن سليطا في الخسار إنه أولاد قوم خلقوا أقنّه
يعني بالخسار ما ينقص من حظوظهم وشرفهم. قال الجوهري : وخسرت الشيء "بالفتح" وأخسرته نقصته. والخسار والخسارة والخيسرى : الضلال والهلاك. فقيل للهالك : خاسر، لأنه خسر نفسه وأهله يوم القيامة ومنع منزله من الجنة.
السابعة- في هذه الآية دليل على أن الوفاء بالعهد والتزامه وكل عهد جائز ألزمه المرء نفسه فلا يحل له نقضه سواء أكان بين مسلم أم غيره، لذم الله تعالى من نقض عهده. وقد قال :﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة : ١] وقد قال لنبيه عليه السلام :﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ﴾ [الأنفال : ٥٨] فنهاه عن الغدر وذلك لا يكون إلا بنقض العهد على ما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى.
الآية : ٢٨ ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾
"كيف" سؤال عن الحال، وهي اسم في موضع نصب بـ "تكفرون"، وهي مبنية على الفتح وكان سبيلها أن تكون ساكنة، لأن فيها معنى الاستفهام الذي معناه التعجب فأشبهت الحروف، واختير لها الفتح لخفته، أي هؤلاء ممن يجب أن يتعجب منهم حين كفروا وقد ثبتت عليهم الحجة. فإن قيل : كيف يجوز أن يكون هذا الخطاب لأهل الكتاب وهم لم يكفروا بالله ؟ فالجواب ما سبق من أنهم لما لم يثبتوا أم محمد عليه السلام ولم يصدقوه فيما جاء به فقد


الصفحة التالية
Icon