سائل مرة وعندي رسول الله ﷺ، فأمرت له بشيء ثم دعوت به فنظرت إليه فقال رسول الله ﷺ :"أما تريدين ألا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلا بعلمك" قلت : نعم، قال :" مهلا يا عائشة لا تحصي فيحصي الله عز وجل عليك".
الخامسة- قوله تعالى :﴿ثُمَّ اسْتَوَى﴾ "ثم" لترتيب الإخبار لا لترتيب الأمر في نفسه. والاستواء في اللغة : الارتفاع والعلو على الشيء، قال الله تعالى :﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ﴾ [المؤمنون : ٢٨]، وقال ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ﴾ [الزخرف : ١٣]، وقال الشاعر :
فأوردتهم ماء بفيفاء قفرة | وقد حلق النجم اليماني فاستوى |
أي ارتفع وعلا، واستوت الشمس على رأسي واستوت الطير على قمة رأسي، بمعنى علا. وهذه الآية من المشكلات، والناس فيها وفيما شاكلها على ثلاثة أوجه، قال بعضهم : نقرؤها ونؤمن بها ولا نفسرها، وذهب إليه كثير من الأئمة، وهذا كما روى عن مالك رحمه الله أن رجلا سأله عن قوله تعالى :
﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه : ٥] قال مالك : الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأراك رجل سوء أخرجوه. وقال بعضهم : نقرؤها ونفسرها على ما يحتمله ظاهر اللغة. وهذا قول المشبهة. وقال بعضهم : نقرؤها ونتأولها ونحيل حملها على ظاهرها. وقال الفراء في قوله عز وجل :
﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ﴾ قال : الاستواء في كلام العرب على وجهين، أحدهما : أن يستوي الرجل وينتهي شبابه وقوته، أو يستوي عن اعوجاج. فهذان وجهان. ووجه ثالث أن تقول : كان فلان مقبلا على فلان ثم استوى علي وإلي يشاتمني. على معنى أقبل إلي وعلي. فهذا معنى قوله :
﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ والله أعلم. قال وقد قال ابن عباس : ثم استوى إلى السماء صعد. وهذا كقولك : كان قاعدا فاستوى قائما، وكان قائما فاستوى قاعدا، وكل ذلك في كلام العرب جائز. وقال البيهقي أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين : قوله :