واجب علينا ولا عليك، فدل على وجوبها وأنها ركن من أركان الدين الذي به قوام المسلمين، والحمد لله رب العالمين.
وقالت الرافضة : يجب نصبه عقلا، وإن السمع إنما ورد على جهة التأكيد لقضية العقل، فأما معرفة الإمام فإن ذلك مدرك من جهة السمع دون العقل. وهذا فاسد، لأن العقل لا يوجب ولا يحظر ولا يقبح ولا يحسن، وإذا كان كذلك ثبت أنها واجبة من جهة الشرع لا من جهة العقل، وهذا واضح.
فإن قيل وهي :
الخامسة- إذا سلم أن طريق وجوب الإمامة السمع، فخبرونا هل يجب من جهة السمع بالنص على الإمام من جهة الرسول ﷺ، أم من جهة اختيار أهل الحل والعقد له، أم بكمال خصال الأئمة فيه، ودعاؤه مع ذلك إلى نفسه كاف فيه ؟.
فالجواب أن يقال : اختلف الناس في هذا الباب، فذهبت الإمامية وغيرها إلى أن الطريق الذي يعرف به الإمام هو النص من الرسول عليه السلام ولا مدخل للاختيار فيه. وعندنا : النظر طريق إلى معرفة الإمام، وإجماع أهل الاجتهاد طريق أيضا إليه، وهؤلاء الذين قالوا لا طريق إليه إلا النص بنوه على أصلهم أن القياس والرأي والاجتهاد باطل لا يعرف به شيء أصلا، وأبطلوا القياس أصلا وفرعا. ثم اختلفوا على ثلاث فرق : فرقة تدعي النص على أبي بكر، وفرقة تدعي النص على العباس، وفرقة تدعي النص على علي بن أبي طالب رضي الله عنهم. والدليل على فقد النص وعدمه على إمام بعينه هو أنه ﷺ لو فرض على الأمة طاعة إمام بعينه بحيث لا يجوز العدول عنه إلى غيره لعلم ذلك، لاستحالة تكليف الأمة بأسرها طاعة الله في غير معين، ولا سبيل لهم إلى العلم بذلك التكليف، وإذا وجب العلم به لم يخل ذلك العلم من أن يكون طريقه أدلة العقول أو الخبر، وليس في العقل ما يدل على ثبوت الإمامة لشخص معين، وكذلك ليس في الخبر ما يوجب العلم بثبوت إمام معين، لأن ذلك الخبر إما أن يكون تواترا أوجب العلم ضرورة أو استدلالا، أو يكون من أخبار الآحاد، ولا يجوز أن يكون


الصفحة التالية
Icon