قوله تعالى :﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ "أعلم" فيه تأويلان، قيل : إنه فعل مستقبل. وقيل : إنه اسم بمعنى فاعل، كما يقال : الله أكبر، بمعنى كبير، وكما قال :
لعمرك ما أدري وإني لأوجل | على أينا تعدو المنية أول |
قوله تعالى ﴿مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ اختلف علماء التأويل في المراد بقوله تعالى :﴿مَا لا تَعْلَمُونَ﴾. فقال ابن عباس : كان إبليس - لعنه الله - قد أعجب ودخله الكبر لما جعله خازن السماء وشرفه، فاعتقد أن ذلك لمزية له، فاستخف الكفر والمعصية في جانب آدم عليه السلام. وقالت الملائكة :﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ [البقرة : ٣٠] وهي لا تعلم أن في نفس إبليس خلاف ذلك، فقال الله تعالى لهم :﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة : ٣٠]. وقال قتادة : لما قالت الملائكة ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا﴾ [البقرة : ٣٠] وقد علم الله أن فيمن يستخلف في الأرض أنبياء وفضلاء وأهل طاعة قال لهم ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾.
قلت : ويحتمل أن يكون المعنى إني أعلم ما لا تعلمون مما كان ومما يكون ومما هو كائن، فهو عام.