يدل على ولايته لله. قالوا : ولا نمنع أن يطلع بعض أوليائه على حسن عاقبته وخاتمة عمله وغيره معه، قال الشيخ أبو الحسن الأشعري وغيره. وذهب الطبري إلى أن الله تعالى أراد بقصة إبليس تقريع أشباهه من بني آدم، وهم اليهود الذين كفروا بمحمد عليه السلام مع علمهم بنبوته، ومع قدم نعم الله عليهم وعلى أسلافهم.
والعاشرة- واختلف هل كان قبل إبليس كافر أو لا ؟ فقيل : لا، وإن إبليس أول من كفر. وقيل : كان قبله قوم كفار وهم الجن وهم الذين كانوا في الأرض. واختلف أيضا هل كفر إبليس جهلا أو عنادا على قولين بين أهل السنة، ولا خلاف أنه كان عالما بالله تعالى قبل كفره. فمن قال إنه كفر جهلا قال : إنه سلب العلم عند كفره. ومن قال كفر عنادا قال : كفر ومعه علمه. قال ابن عطية : والكفر عنادا مع بقاء العلم مستبعد، إلا أنه عندي جائز لا يستحيل مع خذل الله لمن يشاء.
الآية : ٣٥ ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾
فيه ثلاث عشرة مسألة :
الأولى- قوله تعالى :﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ﴾ لا خلاف أن الله تعالى أخرج إبليس عند كفره وأبعده عن الجنة، وبعد إخراجه قال لآدم : اسكن، أي لازم الإقامة واتخذها مسكنا، وهو محل السكون. وسكن إليه يسكن سكونا. والسكن : النار، قال الشاعر :
قد قومت بسكن وأدهان
والسكن : كل ما سكن إليه. والسكين معروف سمي به لأنه يسكن حركة المذبوح، ومنه المسكين لقلة تصرفه وحركته. وسكان السفينة عربي، لأنه يسكنها عن الاضطراب.