في الحجر الماء إلى ما استودعهم من التوراة التي فيها صفة محمد ﷺ ونعته ورسالته والنعم على الآباء نعم على الأبناء لأنهم يشرفون بشرف آبائهم.
تنبيه : قال أرباب المعاني ربط سبحانه وتعالى بني إسرائيل بذكر النعمة وأسقطه عن أمة محمد ﷺ ودعاهم إلى ذكره فقال ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة : ١٥٢] ليكون نظر الأمم من النعمة إلى المنعم ونظر أمة محمد ﷺ من المنعم إلى النعمة.
قوله تعالى :﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾ أمر وجوابه. وقرأ الزهري "أوَفِّ" "بفتح الواو وشد الفاء" للتكثير. واختلف في هذا العهد ما هو فقال الحسن : عهده قوله :﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾ [البقرة : ٦٣] وقوله ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً﴾ [المائدة : ١٢] وقيل هو قوله﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران : ١٨٧] وقال الزجاج "أوفوا بعهدي" الذي عهدت إليكم في التوراة من اتباع محمد ﷺ "أوف بعهدكم" بما ضمنت لكم على ذلك إن أوفيتم به فلكم الجنة وقيل "أوفوا بعهدي" في أداء الفرائض على السنة والإخلاص "أوف" بقبولها منكم ومجازاتكم [في النسخة : مجاراتكم] عليها. وقال بعضهم "أوفوا بعهدي" في العبادات "أوف بعهدكم" أي أوصلكم إلى منازل الرعايات. وقيل "أوفوا بعهدي" في حفظ آداب الظواهر "أوف بعهدكم" بتزيين سرائركم وقيل هو عام في جميع أوامره ونواهيه ووصاياه فيدخل في ذلك ذكر محمد ﷺ الذي في التوراة وغيره. هذا قول الجمهور من العلماء وهو الصحيح. وعهده سبحانه وتعالى هو أن يدخلهم الجنة.
قلت : وما طلب من هؤلاء من الوفاء بالعهد هو مطلوب منا قال الله تعالى ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة : ١] ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ [النحل : ٩١]، وهو كثير ووفاؤهم بعهد الله أمارة لوفاء الله تعالى لهم لا علة له بل ذلك تفضل منه عليهم
قوله تعالى :﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ أي خافون والرهب والرهب والرهبة الخوف ويتضمن الأمر به معنى التهديد وسقطت الياء بعد النون لأنها رأس آية. وقرأ ابن