العاشرة : الشيطان واحد الشياطين ؛ على التكسير والنون أصلية، لأنه من شطن إذا بعد عن الخير. وشطنت داره أي بعدت ؛ قال الشاعر :
نأت بسعاد عنك نوىً شطون | فبانت والفؤاد بها رهين |
وبئر شطون أي بعيدة القعر. والشطن : الحبل ؛ سمي لبعد طرفيه وامتداده. ووصف أعرابي فرساً لا يحفى فقال : كأنه شيطان في أشطان. وسمي الشيطان شيطاناً لبعده عن الحق وتمرده ؛ وذلك أن كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب شيطان ؛ قال جرير :
أيام يدعونني الشيطان من غزل | وهن يهوينني إذ كنت شيطاناً |
وقيل : إن شيطانا مأخوذ من شاط يشيط إذا هلك، فالنون زائدة. وشاط إذا احترق. وشيطت اللحم إذا دخنته ولم تنضجه. واشتاط الرجل إذا احتد غضباً. وناقة مشياط التي يطير فيها السمن. واشتاط إذا هلك ؛ قال الأعشى :
قد نخضب العير من مكنون فائله | وقد يشيط على أرماحنا البطل |
أي يهلك. ويرد على هذه الفرقة أن سيبويه حكى أن العرب تقول : تشيطن فلان إذا فعل أفعال الشياطين، فهذا بين أنه تفعيل من شطن، ولو كان من شاط لقالوا : تشيط، ويرد عليهم أيضاً بيت أمية بن أبي الصلت :
أيما شاطن عصاه عكاه | ورماه في السجن والأغلال |
فهذا شاطن من شطن لا شك فيه.
الحادية عشرة : الرجيم أي المبعد من الخير المهان. وأصل الرجم : الرمي بالحجارة، وقد رجمته أرجمه، فهو رجيم ومرجوم. والرجم : القتل واللعن والطرد والشتم، وقد قيل هذا كله في قوله تعالى :
﴿قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ﴾ [الشعراء : ١١٦]. وقول أبي إبراهيم :
﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ﴾ [مريم : ٤٦]. وسيأتي إن شاء الله تعالى.