وقال الزجاج، وقال الكسائي : معناه مما في بطون ما ذكرناه، فهو عائد على المذكور ؛ وقد قال الله تعالى :﴿إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ، فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ﴾ [عبس : ١١ - ١٢] وقال الشاعر :
مثل الفراخ نتفت حواصله
ومثله كثير. وقال الكسائي :"مما في بطونه" أي مما في بطون بعضه ؛ إذ الذكور لا ألبان لها، وهو الذي عول عليه أبو عبيدة. وقال الفراء : الأنعام والنعم واحد، والنعم يذكر، ولهذا تقول العرب : هذا نعم وارد، فرجع الضمير إلى لفظ النعم الذي هو بمعنى الأنعام. قال ابن العربي : إنما رجع التذكير إلى معنى الجمع، والتأنيث إلى معنى الجماعة، فذكره هنا باعتبار لفظ الجمع، وأنثه في سورة المؤمنين باعتبار لفظ الجماعة فقال :﴿نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا﴾ [المؤمنون : ٢١] وبهذا التأويل ينتظم المعنى انتظاما حسنا. والتأنيث باعتبار لفظ الجماعة والتذكير باعتبار لفظ الجمع أكثر من رمل يبرين وتيهاء فلسطين.
الرابعة :- استنبط بعض العلماء الجلة وهو القاضي إسماعيل من عود هذا الضمير، أن لبن الفحل يفيد التحريم، وقال : إنما جيء به مذكرا لأنه راجع إلى ذكر النعم ؛ لأن اللبن للذكر محسوب، ولذلك قضى النبي ﷺ بأن لبن الفحل يحرم حين أنكرته عائشة في حديث أفلح أخي أبي القعيس "فللمرأة السقي وللرجل اللقاح" فجرى الاشتراك فيه بينهما. وقد مضى. القول في تحريم لبن الفحل في النساء والحمد لله
الخامسة :-قوله تعالى :﴿مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً﴾ نبه سبحانه على عظيم قدرته بخروج اللبن خالصا بين الفرث والدم. والفرث : الزبل الذي ينزل إلى الكرش، فإذا خرج لم يسم فرثا. يقال : أفرثت الكرش إذا أخرجت ما فيها. والمعنى : أن الطعام يكون فيه ما في الكرش ويكون منه الدم، ثم يخلص اللبن من الدم ؛ فأعلم الله سبحانه أن هذا اللبن يخرج من بين ذلك وبين الدم في العروق. وقال ابن عباس : إن الدابة تأكل العلف