في صنعنا من الحقير ؛ فقلت : ليس كما زعمت فقد كان لرسول الله ﷺ وهو رئيس الزهاد قبة من أدم طائفي يسافر معها ويستظل بها ؛ فبهت، ورأيته على منزلة من العي فتركته مع صاحبي وخرجت عنه.
الثالثة :- قوله تعالى :﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا﴾ أذن الله سبحانه بالانتفاع بصوف الغنم ووبر الإبل وشعر المعز، كما أذن في الأعظم، وهو ذبحها وأكل لحومها، ولم يذكر القطن والكتان لأنه لم يكن في بلاد العرب المخاطبين به، وإنما عدد عليهم ما أنعم به عليهم، وخوطبوا فيما عرفوا بما فهموا. وما قام مقام هذه وناب منابها فيدخل في الاستعمال والنعمة مدخلها ؛ وهذا كقوله تعالى :﴿وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ﴾ [النور : ٤٣] ؛ فخاطبهم بالبرد لأنهم كانوا يعرفون نزوله كثيرا عندهم، وسكت عن ذكر الثلج ؛ لأنه لم يكن في بلادهم، وهو مثله في الصفة والمنفعة، وقد ذكرهما النبي ﷺ معا في التطهير فقال :"اللهم اغسلني بماء وثلج وبرد". قال ابن عباس : الثلج شيء أبيض ينزل من السماء وما رأيته قط. وقيل : إن ترك ذكر القطن والكتان إنما كان إعراضا عن الترف ؛ إذ ملبس عباد الله الصالحين إنما هو الصوف. وهذا فيه نظر ؛ فإنه سبحانه يقول :﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾ [الأعراف : ٢٦] وقال هنا :﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ﴾ فأشار إلى القطن والكتان في لفظة "سرابيل" والله أعلم. و ﴿أَثَاثاً﴾ قال الخليل : متاعا منضما بعضه إلى بعض ؛ من أث إذا كثر. قال :
وفرع يزين المتن أسود فاحم | أثيث كقنو النخلة المتعثكل |