" صفحة رقم ٢٠٨ "
قريبا من سرته قد كاد أن تكون شمطة وحوله قوم جلوس يقص عليهم فقلت يا جبريل من هذا قال هارون المحب في قومه ) وذكر الحديث فهذه نبذة مختصرة من أحاديث الإسراء خارجة عن الصحيحين ذكرها أبو الربيع سليمان بن سبع بكمالها في كتاب [ شفاء الصدور ] له ولا خلاف بين أهل العلم وجماعة أهل السير أن الصلاة إنما فرضت على النبي ( ﷺ ) بمكة في حين الإسراء حين عرج به إلى السماء واختلفوا في تاريخ الإسراء وهيئة الصلاة وهل كان إسراء بروحه أو جسده فهذه ثلاث مسائل تتعلق بالآية وهي مما ينبغي الوقوف عليها والبحث عنها وهي أهم من سرد تلك الأحاديث وأنا أذكر ما وقفت عليه فيها من أقاويل العلماء واختلاف الفقهاء بعون الله تعالى فأما المسألة الأولى وهي هل كان إسراء بروحه أو جسده اختلف في ذلك السلف والخلف فذهبت طائفة إلى أنه إسراء بالروح ولم يفارق شخصه مضجعه وأنها كانت رؤيا رأى فيها الحقائق ورؤيا الأنبياء حق ذهب إلى هذا معاوية وعائشة وحكي عن الحسن وبن إسحاق وقالت طائفة : كان الإسراء بالجسد يقظة إلى بيت المقدس وإلى السماء بالروح واحتجوا بقوله تعالى : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فجعل المسجد الأقصى غاية الإسراء قالوا : ولو كان الإسراء بجسده إلى زائد على المسجد الأقصى لذكره فإنه كان يكون أبلغ في المدح وذهب معظم السلف والمسلمين إلى أنه كان إسراء بالجسد وفي اليقظة وأنه ركب البراق بمكة ووصل إلى بيت المقدس وصلى فيه ثم أسري بجسده وعلى هذا تدل الأخبار التي أشرنا إليها والآية وليس في الإسراء بجسده وحال يقظته استحالة ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلى التأويل إلا عند الاستحالة ولو كان مناما لقال بروح عبده ولم يقل بعبده وقوله ما زاغ البصر وما طغى النجم يدل على ذلك ولو كان مناما لما كانت فيه آية ولا معجزة ولما قالت له أم هانئ : لا تحدث الناس