" صفحة رقم ٢٣١ "
مسألة نزعت عائشة رضي الله عنه الله عنها بهذه الآية في الرد على بن عمر حيث قال : إن الميت ليعذب ببكاء أهله قال علماؤنا : وإنما حملها على ذلك أنه لم تسمعه وأنه معارض للآية ولا وجه لإنكارها فإن الرواة لهذا المعنى كثير كعمر وابنه والمغيرة بن شعبة وقيلة بنت مخرمة وهم جازمون بالرواية فلا وجه لتخطئتهم ولا معارضة بين الآية والحديث فإن الحديث محمله على ما إذا كان النوح من وصية الميت وسنته كما كانت الجاهلية تفعله حتى قال طرفة : إذا مت فانعيني بما أنا أهله وشقي على الجيب يا بنت معبد وقال : إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر وإلى هذا نحا البخاري وقد ذهب جماعة من أهل العلم منهم داود إلى اعتقاد ظاهر الحديث وأنه إنما يعذب بنوحهم لأنه أهمل نهيهم عنه قبل موته وتأديبهم بذلك فيعذب بتفريطه في ذلك وبترك ما أمره الله به من قوله : قوا أنفسكم وأهليكم نارا لا بذنب غيره والله أعلم قوله تعالى :) وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ( أي لم نترك الخلق سدى بل أرسلنا الرسل وفي هذا دليل على أن الأحكام لا تثبت إلا بالشرع خلافا للمعتزلة القائلين بأن العقل يقبح ويحسن ويبيح ويحظر وقد تقدم في البقرة القول فيه والجمهور على أن هذا في حكم الدنيا أي ان الله لا يهلك أمة بعذاب إلا بعد الرسالة إليهم والإنذار وقالت فرقة : هذا عام في الدنيا والآخرة لقوله تعالى : كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا قال بن عطية : والذي يعطيه النظر أن بعثه آدم عليه السلام بالتوحيد وبث المعتقدات في بنيه مع نصب الأدلة الدالة على الصانع مع سلامة الفطر توجب على كل أحد من العالم الإيمان واتباع شريعة الله ثم تجدد ذلك في زمن نوح عليه السلام بعد


الصفحة التالية
Icon