" صفحة رقم ٢٣٧ "
فيه ست عشرة مسألة : الأولى ) قضى ( أي أمر وألزم وأوجب قال بن عباس والحسن وقتادة : وليس هذا قضاء حكم بل هو قضاء أمر وفي مصحف بن مسعود ووصى وهي قراءة أصحابه وقراءة بن عباس أيضا وعلي وغيرهما وكذلك عند أبي بن كعب قال بن عباس : إنما هو ووصى ربك فالتصقت إحدى الواوين فقرئت وقضى ربك إذ لو كان على القضاء ما عصى الله أحد وقال الضحاك : تصحفت على قوم وصى بقضى حين اختلطت الواو بالصاد وقت كتب المصحف وذكر أبو حاتم عن بن عباس مثل قول الضحاك وقال عن ميمون بن مهران أنه قال : إن على قول بن عباس لنورا قال الله تعالى : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك ثم أبى أبو حاتم أن يكون بن عباس قال ذلك وقال : لو قلنا هذا لطعن الزنادقة في مصحفنا ثم قال علماؤنا المتكلمون وغيرهم : القضاء يستعمل في اللغة على وجوه : فالقضاء بمعنى الأمر كقوله تعالى : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه معناه أمر والقضاء بمعنى الخلق كقوله : فقضاهن سبع سماوات في يومين فصلت يعني خلقهن والقضاء بمعنى الحكم كقوله تعالى : فاقض ما أنت قاض يعني احكم ما أنت تحكم والقضاء بمعنى الفراغ كقوله : قضي الأمر الذي فيه تستفتيان أي فرغ منه ومنه قوله تعالى : فإذا قضيتم مناسككم وقوله تعالى : فإذا قضيت الصلاة والقضاء بمعنى الإرادة كقوله تعالى : إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون والقضاء بمعنى العهد كقوله تعالى : وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر فإذا كان القضاء يحتمل هذه المعاني فلا يجوز إطلاق القول بأن المعاصي بقضاء الله لأنه إن أريد به الأمر فلا خلاف أنه لا يجوز ذلك لأن الله تعالى لم يأمر بها