" صفحة رقم ٢٥٠ "
فيه أربع مسائل : الأولى قوله تعالى :) ولاتجعل يدك مغلولة إلى عنقك ( هذا مجاز عبر به عن البخيل الذي لا يقدر من قلبه على إخراج شيء من ماله فضرب له مثل الغل الذي يمنع من التصرف باليد وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ضرب رسول الله ( ﷺ ) مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة بمكانها قال أبو هريرة رضي الله عنه : فأنا رأيت رسول الله ( ﷺ ) يقول بأصبعيه هكذا في جيبه فلو رأيته يوسعها ولاتتوسع الثانية قوله تعالى :) ولاتبسطها كل البسط ( ضرب بسط اليد مثلا لذهاب المال فإن قبض الكف يحبس ما فيها وبسطها يذهب ما فيها وهذا كله خطاب للنبي ( ﷺ ) والمراد أمته وكثيرا ما جاء في القرآن فإن النبي ( ﷺ ) لما كان سيدهم وواسطتهم إلى ربهم عبر به عنهم على عادة العرب في ذلك وأيضا فإنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يدخر شيئا لغد وكان يجوع حتى يشد الحجر على بطنه من الجوع وكان كثير من الصحابة ينفقون في سبيل الله جميع أموالهم فلم يعنفهم النبي ( ﷺ ) ولم ينكر عليهم لصحة يقينهم وشدة بصائرهم وإنما نهى الله سبحانه وتعالى عن الإفراط في الإنفاق وإخراج ما حوته يده من المال من خيف عليه الحسرة على ما خرج من يده فأما من وثق بموعود الله عز وجل وجزيل ثوابه فيما أنفقه فغير مراد بالآية والله أعلم وقيل : إن هذا الخطاب للنبي ( ﷺ ) في خاصة نفسه علمه فيه كيفية الإنفاق وأمره بالإقتصاد قال جابر وبن مسعود : جاء غلام إلى النبي ( ﷺ ) فقال : إن أمي


الصفحة التالية
Icon