" صفحة رقم ٢٥٨ "
والظنون وكلها متقاربة وأصل القفو البهت والقذف بالباطل ومنه قوله عليه الصلاة والسلام :) نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا ) أي لا نسب أمنا وقال الكميت : فلا أرمي البريء بغير ذنب ولا أقفو الحواصن إن قفينا يقال : قفوته أقفوه وقفته أقوفه وقفيته إذا اتبعت أثره ومنه القافة لتتبعهم الآثار وقافية كل شيء آخره ومنه قافية الشعر لأنها تقفو البيت ومنه اسم النبي ( ﷺ ) المقفي لأنه جاء آخر الأنبياء ومنه القائف وهو الذي يتبع أثر الشبه يقال : قاف القائف يقوف إذا فعل ذلك وتقول : فقوت الأثر بتقديم الفاء على القاف بن عطية : ويشبه أن يكون هذا من تلعب العرب في بعض الألفاظ كما قالوا : رعملي في لعمري وحكى الطبري عن فرقة أنها قالت : قفا وقاف مثل عتا وعات وذهب منذر بن سعيد إلى أن قفا وقاف مثل جبذ وجذب وبالجملة فهذه الآية تنهى عن قول الزور والقذف وما أشبه ذلك من الأقوال الكاذبة والرديئة وقرأ بعض الناس فيما حكى الكسائي تقف بضم القاف وسكون الفاء وقرأ الجراح والفآد بفتح الفاء وهي لغة لبعض الناس وأنكرها أبو حاتم وغيره الثانية قال بن خويز منداد : تضمنت هذه الآية الحكم بالقافة لأنه لما قال : ولا تقف ما ليس لك به علم دل على جواز ما لنا به علم فكل ما علمه الإنسان أو غلب على ظنه جاز أن يحكم به وبهذا احتججنا على إثبات القرعة والخرص لأنه ضرب من غلبة الظن وقد يسمى علما اتساعا فالقائف يلحق الولد بأبيه من طريق الشبه بينهما كما يلحق الفقيه الفرع بالأصل من طريق الشبه وفي الصحيح عن عائشة : أن رسول الله ( ﷺ ) دخل علي مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال :) ألم ترى أن مجززا نظر إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد عليهما قطيفة قد غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما فقال إن بعض هذه الأقدام لمن بعض ) وفي حديث يونس بن يزيد :) وكان مجزز قائفا