" صفحة رقم ٢٦٧ "
قلت : ويستدل لهذا القول من السنة بما ثبت عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي ( ﷺ ) مر على قبرين فقال :) إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستبرئ من البول ) قال : فدعا بعسيب رطب فشقه اثنين ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا ثم قال :) لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا ) فقوله عليه الصلاة والسلام ) ما لم ييبسا ) إشارة إلى أنهما ما داما رطبين يسبحان فإذا يبسا صارا جمادا والله أعلم وفي مسند أبي داود الطيالسي : فوضع على احدهما نصفا وعلى الآخر نصفا وقال :) لعله أن يهون عليهما العذاب ما دام فيهما من بلولتهما شيء ) قال علماؤنا : ويستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة القرآن على القبور وإذا خفف عنهم بالأشجار فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن وقد بينا هذا المعنى في [ كتاب التذكرة ] بيانا شافيا وأنه يصل إلى الميت ثواب ما يهدى إليه والحمد لله على ذلك وعلى التأويل الثاني لا يحتاج إلى ذلك فإن كل شيء من الجماد وغيره يسبح قلت : ويستدل لهذا التأويل وهذا القول من الكتاب بقوله سبحانه وتعالى : واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق ص وقوله : وإن منها لما يهبط من خشية الله على قول مجاهد وقوله : وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وذكر بن المبارك في [ دقائقه ] أخبرنا مسعر عن عبد الله بن واصل عن عوف بن عبد الله قال قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : إن الجبل يقول للجبل : يا فلان هل مر بك اليوم ذاكر لله عز وجل فإن قال نعم سر به ثم قرأ عبد الله وقالوا اتخذ الرحمن ولدا الآية قال : أفتراهن يسمعن الزور ولا يسمعن الخير وفيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ما من صباح ولا رواح إلا تنادي بقاع الأرض بعضها بعضا : يا جاراه هل مر بك اليوم عبد فصلى لله أو ذكر الله عليك فمن قائلة لا ومن قائلة نعم فإذا قالت نعم رأت لها بذلك فضلا عليها وقال رسول الله ( ﷺ ) لا


الصفحة التالية
Icon