" صفحة رقم ٣١٤ "
فيه ثلاث مسائل : الأولى روى البخاري والترمذي عن بن مسعود قال : دخل النبي ( ﷺ ) مكة عام الفتح وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نصبا فجعل النبي ( ﷺ ) يطعنها بمخصرة في يده وربما قال بعود ويقول :) جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ) لفظ الترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح وكذا في حديث مسلم نصبا وفي رواية صنما قال علماؤنا : إنما كانت بهذا العدد لأنهم كانوا يعظمون في يوم صنما ويخصون أعظمها بيومين وقوله :) فجعل يطعنها بعود في يده ) يقال : إنها كانت مثبتة بالرصاص وأنه كلما طعن منها صنما في وجهه خر لقفاه أو في قفاه خر لوجهه وكان يقول :) جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ) حكاه أبو عمر والقاضي عياض وقال القشيري : فما بقي منها صنم إلا خر لوجهه ثم أمر بها فكسرت الثانية في هذه الآية دليل على كسر نصب المشركين وجميع الأوثان إذا غلب عليهم ويدخل بالمعنى كسر آلة الباطل كله وما لا يصلح إلا لمعصية الله كالطنابير والعيدان والمزامير التي لا معنى لها إلا اللهو بها عن ذكر الله تعالى قال بن المنذر : وفي معنى الأصنام الصور المتخذة من المدر والخشب وشبهها وكل ما يتخذه الناس مما لا منفعة فيه إلا اللهو المنهي عنه ولا يجوز بيع شيء منه إلا الأصنام التي تكون من الذهب والفضة والحديد والرصاص إذا غيرت عما هي عليه وصارت نقرا أو قطعا فيجوز بيعها والشراء بها قال المهلب : وما كسر من آلات الباطل وكان في حبسها بعد كسرها منفعة فصاحبها أولى بها مكسورة إلا أن يرى الإمام حرقها بالنار على معنى التشديد والعقوبة في المال وقد تقدم حرق بن عمر رضي الله عنه وقد هم النبي ( ﷺ ) بتحريق دور من تخلف عن صلاة الجماعة وهذا أصل في العقوبة في المال مع قوله عليه السلام في الناقة التي لعنتها صاحبتها


الصفحة التالية
Icon