فتية آخرون جرى لهم ما جرى لأصحاب الكهف. والله اعلم. وقيل : الرقيم واد دون فلسطين فيه الكهف ؛ مأخوذ من رقمة الوادي وهي موضع الماء ؛ يقال : عليك بالرقمة ودع الضفة ؛ ذكره الغزنوي. قال ابن عطية : وبالشام على ما سمعت به من ناس كثير كهف فيه موتى، يزعم مجاوروه أنهم أصحاب الكهف وعليهم مسجد وبناء يسمى الرقيم ومعهم كلب رمة. وبالأندلس في جهة غرناطة بقرب قرية تسمى لوشة كهف فيه موتى ومعهم كلب رمة، وأكثرهم قد تجرد لحمه وبعضهم متماسك، وقد مضت القرون السالفة ولم نجد من علم شأنهم أثارة. ويزعم ناس أنهم أصحاب الكهف، دخلت إليهم ورأيهم سنة أربع وخمسمائة وهم بهذه الحالة، وعليهم مسجد، وقريب منهم بناء رومي يسمى الرقيم، كأنه قصر مخلق قد بقي بعض جدرانه، وهو في فلاة من الأرض خربة، وبأعلى غرناطة مما يلي القبلة آثار مدينة قديمة رومية يقال لها مدينة دقيوس، وجدنا في آثارها غرائب من قبور ونحوها.
قلت : ما ذكر من رؤيته لهم بالأندلس فإنما هم غيرهم، لأن الله تعالى يقول في حق أصحاب الكهف :﴿لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً﴾ [الكهف : ١٨]. وقال ابن عباس لمعاوية لما أراد رؤيتهم : قد منع الله من هو خير منك عن ذلك ؛ وسيأتي في آخر القصة. وقال مجاهد في قول ﴿كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً﴾ قال : هم عجب. كذا روى ابن جريج عنه ؛ يذهب إلى أنه بإنكار على النبي ﷺ أن يكون عنده أنهم عجب. وروى ابن نجيح عنه قال : يقول ليس بأعجب آياتنا.
الآية : ١٠ ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً﴾
فيه ثلاث مسائل :
الأولى :- قوله تعالى :﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ﴾ روي أنهم قوم من أبناء أشراف مدينة دقيوس الملك الكافر، ويقال فيه دقينوس. وروي أنهم كانوا