المحبين للأولياء والصالحين بل في هذا تسلية وأنس للمؤمنين المقصرين عن درجات الكمال، المحبين للنبي ﷺ وآله خير آل. روى الصحيح عن أنس بن مالك قال : بينا أنا ورسول الله ﷺ خارجان من المسجد فلقينا رجل عند سدة المسجد فقال : يا رسول الله، متى الساعة ؟ قال رسول الله ﷺ :"ما أعددت لها" قال : ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. قال :"فأنت مع من أحببت". في رواية قال أنس بن مالك : فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي ﷺ :"فأنت مع من أحببت". قال أنس : فأنا أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجو أن أكون معهم وإن لم أعمل بأعمالهم.
قلت : وهذا الذي تمسك به أنس يشمل من المسلمين كل ذي نفس، فكذلك تعلقت أطماعنا بذلك وإن كنا مقصرين، ورجونا رحمة الرحمن وإن كنا غير مستأهلين ؛ كلب أحب قوما فذكره الله معهم فكيف بنا وعندنا عقد الإيمان وكلمة الإسلام، وحب النبي ﷺ، ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ [الإسراء : ٧].
وقالت فرقة : لم يكن كلبا حقيقة، وإنما كان أحدهم، وكان قد قعد عند باب الغار طليعة لهم كما سمي النجم التابع للجوزاء كلبا ؛ لأنه منها كالكلب من الإنسان ؛ ويقال له : كلب الجبار. قال ابن عطية : فسمي باسم الحيوان اللازم لذلك الموضع أما إن هذا القول يضعفه ذكر بسط الذراعين فإنها في العرف من صفة الكلب حقيقة ؛ ومنه قول النبي ﷺ :"ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب". وقد حكى أبو عمر المطرز في كتاب اليواقيت