﴿مِنْ رَبِّكُمْ﴾. ومعنى الآية : قل يا محمد لهؤلاء الذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا : أيها الناس من ربكم الحق فإليه التوفيق والخذلان، وبيده الهدى والضلال، يهدي من يشاء فيؤمن، ويضل من يشاء فيكفر ؛ ليس إلي من ذلك شيء، فالله يؤتي الحق من يشاء وإن كان ضعيفا، ويحرمه من يشاء وإن كان قويا غنيا، ولست بطارد المؤمنين لهواكم ؛ فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا. وليس هذا بترخيص وتخيير بين الإيمان والكفر، وإنما هو وعيد وتهديد. أي إن كفرتم فقد أعد لكم النار، وإن آمنتم فلكم الجنة.
قوله تعالى :﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا﴾ أي أعددنا. ﴿لِلظَّالِمِينَ﴾ أي للكافرين الجاحدين. ﴿نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ قال الجوهري : السرادق واحد السرادقات التي تمد فوق صحن الدار. وكل بيت من كرسف فهو سرادق. قال رؤبة :

يا حكم بن المنذر بن الجارود سرادق المجد عليك ممدود
يقال : بيت مسردق. وقال سلامة بن جندل يذكر أبرويز وقتله النعمان بن المنذر تحت أرجل الفيلة :
هو المدخل النعمان بيتا سماؤه صدور الفيول بعد بيت مسردق
وقال ابن الأعرابي :"سرادقها" سورها. وعن ابن عباس : حائط من نار. الكلبي : عنق تخرج من النار فتحيط بالكفار كالحظيرة. القتبي : السرادق الحجرة التي تكون حول الفسطاط. وقال ابن عزيز. وقيل : هو دخان يحيط بالكفار يوم القيامة، وهو الذي ذكره الله تعالى في سورة "والمرسلات". حيث يقول :﴿انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ﴾ [المرسلات : ٣٠] وقوله :﴿وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ﴾ [الواقعة : ٤٣] قاله قتادة. وقيل : إنه البحر المحيط بالدنيا. وروي يعلي بن أمية قال قال رسول الله ﷺ :"البحر هو جهنم - ثم تلا –﴿نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ -


الصفحة التالية
Icon