﴿إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾ كلام معترض، والخبر قوله :﴿أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾. و ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ﴾ سرة الجنة، أي وسطها وسائر الجنات محدقة بها وذكرت بلفظ الجمع لسعتها ؛ لأن كل بقعة منها تصلح أن تكون جنة وقيل : العدن الإقامة، يقال : عدن بالمكان إذا أقام به وعدنت البلد توطنته وعدنت الإبل بمكان كذا لزمته فلم تبرح منه ؛ ومنه "جنات عدن" أي جنات إقامة ومنه سمي المعدن "بكسر الدال" ؛ لأن الناس يقيمون فيه بالصيف والشتاء ومركز كل شيء معدنه والعادن : الناقة المقيمة في المرعى. وعدن بلد ؛ قاله الجوهري. "تجري من تحتهم الأنهار" تقدم. "يحلون فيها من أساور من ذهب" وهو جمع سوار. قال سعيد بن جبير : على كل واحد منهم ثلاثة أسورة : واحد من ذهب، وواحد من ورق، وواحد من لؤلؤ.
قلت : هذا منصوص في القرآن، قال هنا "من ذهب" وقال في الحج وفاطر ﴿مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً﴾ [الحج : ٢٣] وفي الإنسان ﴿مِنْ فِضَّةٍ﴾ [الإنسان : ٢١]. وقال أبو هريرة : سمعت خليلي ﷺ يقول :"تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" خرجه مسلم. وحكى الفراء :"يحلون" بفتح الياء وسكون الحاء وفتح اللام خفيفة ؛ يقال : حليت المرأة تحلى فهي حالية إذا لبست الحلي. وحلي الشيء بعيني يحلى ؛ ذكره النحاس. والسوار سوار المرأة، والجمع أسورة، وجمع الجمع أساورة. وقرئ ﴿فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ﴾ [الزخرف : ٥٣] وقد يكون الجمع أساور. وقال الله تعالى ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ﴾ قاله الجوهري. وقال ابن عزيز : أساور جمع أسورة، وأسورة جمع سوار وسوار، وهو الذي يلبس في الذراع من ذهب، فإن كان من فضة فهو قلب وجمعه قلبة ؛ فإن كان من قرن أو عاج فهي مسكة وجمعه مسك. قال النحاس : وحكى قطرب في واحد الأساور إسوار، وقطرب صاحب شذوذ، قد تركه يعقوب وغيره فلم يذكره.