قوله تعالى :﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ﴾ هذا مثل لمن يتعزز بالدنيا ويستنكف عن مجالسة المؤمنين، وهو متصل بقوله :﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ﴾ [الكهف : ٢٨]. واختلف في اسم هذين الرجلين وتعيينهما ؛ فقال الكلبي : نزلت في أخوين من أهل مكة مخزوميين، أحدهما مؤمن وهو أبو سلمة عبدالله بن عبدالأسد بن هلال بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، زوج أم سلمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم. والآخر كافر وهو الأسود بن عبدالأسد، وهما الأخوان المذكوران في سورة "الصافات" في قوله :﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ﴾ [الصافات : ٥١]، ورث كل واحد منهما أربعة آلاف دينار، فأنفق أحدهما مال في سبيل الله وطلب من أخيه شيئا فقال ما قال... ؛ ذكره الثعلبي والقشيري. وقيل : نزلت في النبي ﷺ وأهل مكة. وقيل : هو مثل لجميع من آمن بالله وجميع من كفر. وقيل : هو مثل لعيينة بن حصن وأصحابه مع سلمان وصهيب وأصحابه ؛ شبههم الله برجلين من بني إسرائيل أخوين أحدهما مؤمن واسمه يهوذا ؛ في قول ابن عباس. وقال مقاتل : اسمه تمليخا. والآخر كافر واسمه قرطوش. وهما اللذان وصفهما الله تعالى في سورة الصافات. وكذا ذكر محمد بن الحسن المقرئ قال : اسم الخير منهما تمليخا، والآخر قرطوش، وأنهما كانا شريكين ثم اقتسما المال فصار لكل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار، فاشترى المؤمن منهما عبيدا بألف وأعتقهم، وبالألف الثانية ثيابا فكسا العراة، وبالألف الثالثة طعاما فأطعم الجوع، وبنى أيضا مساجد، وفعل خيرا. وأما الآخر فنكح بماله نساء ذوات يسار، واشترى دواب وبقرا فاستنتجها فنمت له نماء مفرطا، وأتجر بباقيها فربح حتى فاق أهل زمانه غنى ؛ وأدركت الأول الحاجة، فأراد أن يستخدم نفسه في جنة يخدمها فقال : لو ذهبت لشريكي وصاحبي فسألته أن يستخدمني في بعض جناته رجوت أن يكون ذلك أصلح بي، فجاءه فلم يكد يصل إليه من غلظ الحجاب، فلما دخل عليه وعرفه وسأله حاجته قال له : ألم أكن قاسمتك المال نصفين فما صنعت بمالك ؟. قال : اشتريت به من الله تعالى ما هو خير منه وأبقى. فقال. أإنك


الصفحة التالية
Icon