الجنتين. قال : وفي قراءة عبدالله "كل الجنتين أتى أكله". والمعنى على هذا عند الفراء : كل شيء من الجنتين آتي أكله. والأكل "بضم الهمزة" ثمر النخل والشجر. وكل ما يؤكل فهو أكل ؛ ومنه قوله تعالى :﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ﴾ [الرعد : ٣٥] وقد تقدم. ﴿آتَتْ أُكُلَهَا﴾ تاما ولذلك لم يقل آتتا. ﴿وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً﴾ أي لم تنقص.
قوله تعالى :﴿وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً﴾ أي أجرينا وشققنا وسط الجنتين بنهر. ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ﴾ قرأ أبو جعفر وشيبة وعاصم ويعقوب وابن أبي إسحاق "ثمر" بفتح الثاء والميم، وكذلك قوله :﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ﴾ [الكهف : ٤٢] جمع ثمرة. قال الجوهري : الثمرة واحدة الثمر والثمرات، وجمع الثمر ثمار ؛ مثل جبل وجبال. قال الفراء : وجمع الثمار ثمر ؛ مثل كتاب وكتب، وجمع الثمر أثمار ؛ مثل أعناق وعنق. والثمر أيضا المال المثمر ؛ يخفف ويثقل. وقرأ أبو عمرو "وكان له ثمر" بضم الثاء وإسكان الميم، وفسره بأنواع المال. والباقون بضمها في الحرفين. قال ابن عباس : ذهب وفضة وأموال. وقد مضى في "الأنعام" نحو هذا مبينا. ذكر النحاس : حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرني عمران بن بكار قال حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال حدثنا شعيب بن إسحاق قال هارون قال حدثني أبان عن ثعلب عن الأعمش أن الحجاج قال : لو سمعت أحدا يقرأ "وكان له ثمر" لقطعت لسانه ؛ فقلت للأعمش : أتأخذ بذلك ؟ فقال : لا ؟ ولا نعمة عين. فكان يقرأ "ثمر" ويأخذه من جمع الثمر. قال النحاس : فالتقدير على هذا القول أنه جمع ثمرة على ثمار، ثم جمع ثمار على ثمر ؛ وهو حسن في العربية إلا أن القول الأول أشبه والله اعلم ؛ لأن قوله :﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا﴾ يدل على أن له ثمرا.
قوله تعالى :﴿فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ﴾ أي يراجعه في الكلام ويجاوبه. والمحاورة المجاوبة، والتحاور التجاوب. ويقال : كلمته فما أحار إلي جوابا، وما رجع إلي حويرا ولا حويرة ولا محورة ولا حوارا ؛ أي ما رد جوابا. ﴿أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً﴾ النفر : الرهط وهو ما دون العشرة. وأراد ههنا الاتباع والخدم والولد، حسبما تقدم بيانه.