من وسطه، أصله فيء مثل فيع ؛ لأنه من فاء، ويجمع على فئون وفئات، مثل شيات ولدات ومئات. أي لم تكن له عشيرة يمنعونه من عذاب الله، وضل عنه من افتخر بهم من الخدم والولد.
الآية : ٤٤ ﴿هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً وَخَيْرٌ عُقْباً﴾
قوله تعالى :﴿هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ﴾ اختلف في العامل في قوله "هنالك" وهو ظرف ؛ فقيل : العامل فيه :﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ﴾ ولا كان هنالك ؛ أي ما نصر ولا انتصر هنالك، أي لما أصابه من العذاب. وقيل : تم الكلام عند قوله :﴿مُنْتَصِراً﴾. والعامل في قوله :﴿هُنَالِكَ الْوَلايَةُ﴾. وتقديره على التقديم والتأخير : الولاية لله الحق هنالك، أي في القيامة. وقرأ أبو عمرو والكسائي "الحق" بالرفع نعتا للولاية. وقرأ أهل المدينة وحمزة "الحق" بالخفض نعتا لله عز وجل، والتقدير : لله ذي الحق. قال الزجاج : ويجوز "الحق" بالنصب على المصدر والتوكيد ؛ كما تقول : هذا لك حقا. وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي "الولاية" بكسر الواو، الباقون بفتحها، وهما بمعنى واحد كالرضاعة والرضاعة. وقيل : الولاية بالفتح من الموالاة ؛ كقوله :﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة : ٢٥٧]. ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [محمد : ١١]. وبالكسر يعني السلطان والقدرة والإمارة ؛ كقوله :﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار : ١٩] أي له الملك والحكم يومئذ، أي لا يرد أمره إلى أحد ؛ والملك في كل وقت لله ولكن تزول الدعاوي والتوهمات يوم القيامة. وقال أبو عبيد : إنها بفتح الواو للخالق، وبكسرها للمخلوق. ﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوَاباً﴾ أي الله خير ثوابا في الدنيا والآخرة لمن آمن به، وليس ثم غير يرجى منه، ولكنه أراد في ظن الجهال ؛ أي هو خير من يرجى. ﴿وَخَيْرٌ عُقْباً﴾ قرأ عاصم والأعمش وحمزة ويحيى "عقبا" ساكنة القاف، الباقون بضمها، وهما بمعنى واحد ؛ أي هو خير عافية لمن رجاه وآمن به. يقال : هذا عاقبة أمر فلان وعقباه وعقبه، أي آخره.


الصفحة التالية
Icon