وهذا قد يفتح، حكاه أبو عبيدة. قال المهدوي : وكسر الشين وفتحها في "شق" متقاربان، وهما بمعنى المشقة، وهو من الشق في العصا ونحوها ؛ لأنه ينال منها كالمشقة من الإنسان. وقال الثعلبي : وقرأ أبو جعفر "إلا بشق الأنفس" وهما لغتان، مثل رق ورق وجص وجص ورطل ورطل. وينشد قول الشاعر بكسر الشين وفتحها :

وذي إبل يسعى ويحسبها له أخي نصب من شقها ودؤوب
ويجوز أن يكون بمعمى المصدر، من شققت عليه شقا. والشق أيضا بالكسر النصف، يقال : أخذت شق الشاة وشقة الشاة. وقد يكون المراد من الآية هذا المعنى ؛ أي لم تكونوا بالغيه إلا بنقص من القوة وذهاب شق منها، أي لم تكونوا تبلغوه إلا بنصف قوى أنفسكم وذهاب النصف الآخر. والشق أيضا الناحية من الجبل. وفي حديث أم زرع : وجدني في أهل غنيمة بشق. قال أبو عبيد : هو اسم موضع. والشق أيضا : الشقيق، يقال : هو أخي وشق نفسي. وشق اسم كاهن من كهان العرب. والشق أيضا : الجانب ؛ ومنه قول امرئ القيس :
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له بشق وتحتي شقها لم يحول
فهو مشترك.
الثانية :-منَّ الله سبحانه بالأنعام عموما، وخص الإبل هنا بالذكر في حمل الأثقال على سائر الأنعام ؛ فإن الغنم للسرح والذبح، والبقر للحرث، والإبل للحمل. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ :"بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني إنما خلقت للحرث فقال الناس سبحان الله تعجبا وفزعا أبقرة تتكلم" ؟ فقال رسول الله ﷺ :"وإني أومن به وأبو بكر وعمر". فدل هذا الحديث على أن البقر لا يحمل عليها ولا تركب، وإنما هي للحرث وللأكل والنسل والرسل.


الصفحة التالية
Icon