ربنا. وقيل : إن المؤمنين هم القائلون لهم اختبارا فأجابوا بقولهم :﴿أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾ فأقروا بإنكار شيء هو أساطير الأولين. والأساطير : الأباطيل والترهات. والقول في ﴿مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ﴾ كالقول في ﴿مَاذَا يُنْفِقُونَ﴾ [البقرة : ٢١٥] وقوله :﴿أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾ خبر ابتداء محذوف، التقدير : الذي أنزله أساطير الأولين.
الآية : ٢٥ ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾
قوله تعالى :﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ﴾ قيل : هي لام كي، وهي متعلقة بما قبلها. وقيل : لام العاقبة، كقوله :﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً﴾ [القصص : ٨]. أي قولهم في القرآن والنبي أدّاهم إلى أن حملوا أوزارهم ؛ أي ذنوبهم. وقيل : هي لام الأمر، والمعنى التهدد. ﴿كَامِلَةً﴾ لم يتركوا منها شيئا لنكبة أصابتهم في الدنيا بكفرهم. ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ﴾ قال مجاهد : يحملون وزر من أضلوه ولا ينقص من إثم المضل شيء. وفي الخبر "أيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وأيما داع دعا إلى هدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء" خرجه مسلم بمعناه. و"من" للجنس لا للتبعيض ؛ فدعاة الضلالة عليهم مثل أوزار من اتبعهم. وقوله :﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أي يضلون الخلق جهلا منهم بما يلزمهم من الآثام ؛ إذ لو علموا لما أضلوا. "﴿أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ أي بئس الوزر الذي يحملونه. ونظير هذه الآية :﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [العنكبوت : ١٣] وقد تقدم. في آخر الانعام بيان قوله :﴿وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾