قد أطعمتني دقلا حوليا
...
مسوسا مدودا حجريا
قد كنت تفرين به الفريا
أي [تعظمينه].
قوله تعالى :﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ﴾ اختلف الناس في معنى هذه الأخوة ومن هارون ؟ فقيل : هو هارون أخو موسى ؛ والمراد من كنا نظنها مثل هارون في العبادة تأتي بمثل هذا. وقيل : على هذا كانت مريم من ولد هارون أخي موسى فنسبت إليه بالأخوة لأنها من ولده ؛ كما يقال للتميمي : يا أخا تميم وللعربي يا أخا العرب وقيل كان لها أخ من أبيها اسمه هارون ؛ لأن هذا الاسم كان كثيرا في بني إسرائيل تبركا باسم هارون أخي موسى، وكان أمثل رجل في بني إسرائيل ؛ قاله الكلبي. وقيل : هارون هذا رجل صالح في ذلك الزمان تبع جنازته يوم مات أربعون ألفا كلهم اسمه هارون. وقال قتادة : كان في ذلك الزمان في بني إسرائيل عابد منقطع إلى الله عز وجل يسمى هارون فنسبوها إلى أخوته من حيث كانت على طريقته قبل ؛ إذ كانت موقوفة على خدمة البيع ؛ أي يا هذه المرأة الصالحة ما كنت أهلا لذلك. وقال كعب الأحبار بحضرة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها : إن مريم ليست بأخت هارون أخي موسى ؛ فقالت له عائشة : كذبت. فقال لها : يا أم المؤمنين إن كان رسول الله ﷺ قال فهو أصدق وأخبر، وإلا فإني أجد بينهما من المدة ستمائة سنة. قال : فسكتت. وفي صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة قال : لما قدمت نجران سألوني فقال إنكم تقرؤون ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ﴾ وموسى قبل عيسى بكذا وكذا، فلما قدمت على رسول الله ﷺ سألته عن ذلك، فقال :"إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم". وقد جاء في بعض طرقه في غير الصحيح أن النصارى قالوا له : إن صاحبك يزعم أن مريم هي أخت هارون وبينهما في المدة ستمائة سنة ؟ ! قال المغيرة : فلم أدر ما أقول ؛ وذكر الحديث. والمعنى أنه اسم وافق اسما. ويستفاد من هذا جواز التسمية بأسماء الأنبياء ؛ والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon