أبو عبيدة وغيره : أنه يقال يحل إذا وجب وحل إذا نزل. وكذا قال الفراء : الضم من الحلول بمعنى الوقوع والكسر من الوجوب. والمعنيان متقاربان إلا أن الكسر أولى، لأنهم قد أجمعوا على قوله :﴿ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾. وغضب الله عقابه ونقمته وعذابه. ﴿ فَقَدْ هَوَى ﴾ قال الزجاج : فقد هلك، أي صار إلى الهاوية وهي قعر النار، من هوى يهوي هويا أي سقط من علو إلى سفل، وهوى فلان أي مات. وذكر ابن المبارك : أخبرنا إسمعيل بن عياش قال حدثنا ثعلبة بن مسلم عن أيوب بن بشير عن شفي الأصبحي قال : إن في جهنم جبلا يدعى صعودا يطلع فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يرقاه، قال تعالى :﴿ سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ﴾ وإن في جهنم قصرا يقال له هوى يرمى الكافر من أعلاه فيهوي أربعين خريفا قبل أن يصل أصله، قال الله تعالى :﴿ وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ﴾ وذكر الحديث، وقد ذكرناه في كتاب "التذكرة".
قوله تعالى :﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ ﴾ أي من الشرك. ﴿ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ أي قام على إيمانه حتى مات عليه، قاله سفيان الثوري وقتادة وغيرهما. وقال ابن عباس : أي لم يشك في إيمانه حتى مات عليه، ذكره الماوردي والمهدي. وقال سهل بن عبد الله التستري وابن عباس أيضا : أقام على السنة والجماعة، ذكره الثعلبي. وقال أنس : أخذ بسنة النبي ﷺ ذكره المهدوي، وحكاه المارودي عن الربيع بن أنس. وقول خامس : أصاب العمل، قاله ابن زيد، وعنه أيضا تعلم العلم ليهتدي كيف يفعل، ذكر الأول المهدوي والثاني الثعلبي. وقال الشعبي ومقاتل والكلبي : علم أن لذلك ثوابا وعليه عقابا، وقاله الفراء. وقول ثامن :﴿ ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ في ولاية أهل بيت النبي ﷺ، قاله ثابت البناني. والقول الأول أحسن هذه الأقوال – إن شاء الله – وإليه يرجع سائرها. قال وكيع عن سفيان : كنا نسمع في قوله عزوجل ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ ﴾ أي من الشرك ﴿ وَآمَنَ ﴾ أي بعد الشرك ﴿ وَعَمِلَ صَالِحاً ﴾ صلى وصام "ثم اهتدى" مات على ذلك.


الصفحة التالية
Icon