من القبط، وكان جارا لموسى أمن به وخرج معه. وقيل : كان عظيما من عظماء بني إسرائيل، من قبيلة تعرف بالسامرة وهم معروفون بالشام. قال سعيد بن جبير : كان من أهل كرمان.
قوله تعالى :﴿فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً﴾ حال وقد مضى في “الأعراف”. ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً﴾ وعدهم عز وجل الجنة إذا أقاموا على طاعته، ووعدهم أنه يسمعهم كلامه، في التوراة على لسان موسى ؛ ليعملوا بما فيها فيستحقوا ثواب عملهم. وقيل : وعدهم النصر والظفر. وقيل : وعده قوله :﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ﴾ الآية. ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ﴾ أي أفنسيتم ؛ كما قيل ؛ والشيء قد ينسى لطول العهد. ﴿أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ ﴿يَحِلَّ﴾ أي يجب وينزل. والغضب العقوبة والنقمة. والمعنى أم أردتم أن تفعلوا فعلا يكون سبب حلول غضب الله بكم ؛ لأن أحدا لا يطلب غضب الله، بل قد يرتكب ما يكون سببا للغضب. ﴿فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي﴾ لأنهم وعدوه أن يقيموا على طاعة الله عز وجل إلى أن يرجع إليهم من الطور. وقيل : وعدهم على أثره للميقات فتوقفوا. ﴿قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا﴾ بفتح الميم، وهي قراءة نافع وعاصم وعيسى بن عمر. قال مجاهد والسدي : ومعناه بطاقتنا. ابن زيد : لم نملك أنفسنا أي كنا مضطرين. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ﴿بِمِلْكِنَا﴾ بكسر الميم. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ؛ لأنها اللغة العالية. وهو مصدر ملكت الشيء أملكه ملكا. والمصدر مضاف إلى الفاعل والمفعول محذوف ؛ كأنه قال : بملكنا الصواب بل أخطأنا فهو اعتراف منهم بالخطأ. وقرأ حمزة والكسائي ﴿بِمُلْكنَا﴾ بضم الميم والمعنى بسلطاننا. أي لم يكن لنا ملك فنخلف موعدك. ثم قيل قوله :﴿قَالُوا﴾ عام يراد به الخاص، أي قال الذين ثبتوا على طاعة الله إلى أن يرجع إليهم من الطور :﴿مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا﴾ وكانوا اثني عشر ألفا وكان جميع بني إسرائيل ستمائة ألف.
قوله تعالى :﴿وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا﴾ بضم الحاء وتشديد الميم مكسورة ؛ قرأه نافع وابن كثير وابن عامر وحفص ورويس. الباقون بفتح الحرفين خفيفة. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ؛ لأنهم حملوا حلي القوم


الصفحة التالية
Icon