أو عقوبة. وقد وقيل : إن موسى عليه السلام إنما فعل هذا على غيرا ولا عقوبة كما يأخذ الإنسان بلحية نفسه. وقد مضى هذا في “الأعراف” مستوفى. ﴿إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائيلَ﴾ أي خشيت أن أخرج وأتركهم وقد أمرتني أن أخرج معهم فلو خرجت لا تبعني قوم ويتخلف مع العجل قوم ؛ وربما أدى الأمر إلى سفك الدماء ؛ وخشيت إن زجرتهم أن يقع قتال فتلومني على ذلك. وهذا جواب هارون لموسى السلام عن قوله ﴿أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي﴾ وفي الأعراف ﴿إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ﴾ [الأعراف : ١٥٠] لأنك أمرتني أن أكون معهم. وقد تقدم. ومعنى ﴿وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي﴾ لم تعمل بوصيتي في حفظه ؛ قاله مقاتل. وقال أبو عبيدة : لم تنظر عهدي وقدومي. فتركه موسى ثم أقبل على السامري فـ ﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ﴾ أي، ما أمرك وشأنك، وما الذي حملك على ما صنعت ؟ قال قتادة : كان السامري عظيما في بني إسرائيل من قبيلة يقال لها سامرة ولكن عدو الله نافق بعد ما قطع البحر مع موسى، فلما مرت بنو إسرائيل بالعمالقة وهم يعكفون على أصنام لهم ﴿قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ [الأعراف : ١٣٨] فاغتنمها السامري وعلم أنهم يميلون إلى عبادة العجل فاتخذ العجل. فـ ﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ ﴿قَالَ﴾ السامري مجيبا لموسى ﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ بعني : رأيت ما لم يروا ؛ رأيت جبريل عليه السلام على فرس الحياة، فألقى في نفسي أن أقبض من أثره قبضة، فما ألقيته على شيء إلا صار له روح ولحم ؛ ودم فلما سألوك أن تجحل لهم إلها زينت لي نفسي ذلك. وقال علي رضي الله عنه : لما نزل جبريل ليصعد بموسى عليه السلام، إلى السماء، وأبصره السامري من بين الناس فقبض قبضة من أثر الفرس. وقيل قال السامري رأيت جبريل على الفرس وهى تلقي خطوها مد البصر فألقي في نفسي أن أقبض من أثرها فما ألقيته على شيء إلا صار له روح ودم. وقيل : رأى جبريل يوم نزل على رمكة وديق، فتقدم خيل فرعون في ورود البحر. ويقال : إن أم السامري جعلته حين وضعته في غار خوفا


الصفحة التالية
Icon