الأولى : قوله تعالى :﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا﴾ أي في الجنة ﴿وَلا تَعْرَى﴾. ﴿وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا﴾ أي لا تعطش. والظمأ العطش. ﴿وَلا تَضْحَى﴾ أي تبرز للشمس فتجد حرها. إذ ليس في الجنة شمس، إنما هو ظل ممدود، كما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. قال أبو العالية : نهار الجنة هكذا : وأشار إلى ساعة المصلين صلاة الفجر. قال أبو زيد : ضحا الطريق يضحو ضحوا إذا بدا لك وظهر. وضحيت وضحيت “بالكسر” ضحا عرقت. وضحيت أيضا للشمس ضحاء ممدود برزت وضحيت “بالفتح” مثله، والمستقبل أضحى في اللغتين جميعا ؛ قال عمر بن أبي ربيعة :

رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشي فيخصر
في الحديث أن ابن عمر رأى رجلا محرما قد استظل، فقال : أضح لمن أحرمت له. هكذا يرويه المحدثون بفتح الألف وكسر الحاء من أضحيت. وقال الأصمعي : إنما هو أضح لمن أحرمت له ؛ بكسر الألف وفتح الحاء من ضحيت أضحى ؛ لأنه أمره بالبروز للشمس ؛ ومنه قوله تعالى :﴿وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى﴾ وأنشد :
ضحيت له كي أستظل بظله إذا الظل أضحى في القيامة قالصا
وقرأ أبو عمرو والكوفيون إلا عاصما في رواية أبو بكر عنه ﴿وَأَنَّكَ﴾ بفتح الهمزة عطفا على ﴿أَلَّا تَجُوعَ﴾. ويجوز أن يكون في موضع رفع عطفا على الموضع، والمعنى : ولك أنك لا تظمأ فيها. الباقون بالكسر على الاستئناف، أو على العطف على ﴿إِنَّ لَكَ﴾.
الآيات : ١٢٠ - ١٢٢ ﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى، فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى، ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى﴾


الصفحة التالية
Icon