إي ما منعهم عن الإيمان إلا حكمي عليهم بذلك ؛ ولو حكمت عليهم بالإيمان آمنوا. وسنة الأولين عادة الأولين في عذاب الاستئصال. وقيل : المعنى وما منع الناس أن يؤمنوا إلا طلب أن تأتيهم سنة الأولين فحذف. وسنة الأولين معاينة العذاب، فطلب المشركون ذلك، وقالوا ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ...﴾ ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً﴾ نصب على الحال، ومعناه عيانا قاله ابن عباس. وقال الكلبي : هو السيف يوم بدر. وقال مقاتل : فجأة وقرأ أبو جعفر وعاصم والأعمش وحمزة ويحيى والكسائي ﴿قُبُلاً﴾ بضمتين أرادوا به أصناف العذاب كله، جمع قبيل نحو سبيل وسبل. النحاس : ومذهب الفراء أن ﴿قُبُلاً﴾ جمع قبيل أي متفرقا يتلو بعضه بعضا. ويحوز عنده أن يكون المعنى عيانا. وقال الأعرج : وكانت قراءته ﴿قُبُلاً﴾ معناه جميعا وقال أبو عمرو : وكانت قراءته ﴿قُبُلاً﴾ ومعناه عيانا.
قوله تعالى :﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلا مُبَشِّرِينَ﴾ أي بالجنة لمن آمن ﴿وَمُنْذِرِينَ﴾ أي مخوفين بالعذاب من الكفر. وقد تقدم ﴿وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ﴾ قيل : نزلت في المقتسمين كانوا يجادلون في رسول الله ﷺ فيقولون : ساحر ومجنون وشاعر وكاهن كما تقدم. ومعنى "يدحضوا" يزيلوا ويبطلوا وأصل الدحض الزلق يقال : دحضت رجله أي زلقت، تدحض دحضا ودحضت الشمس عن كبد السماء زالت ودحضت حجته دحوضا بطلت، وأدحضها الله والإدحاض الإزلاق. وفي وصف الصراط :"ويضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة فيقولون اللهم سلم سلم" قيل : يا رسول الله وما الجسر ؟ قال :"دحض مزلقة" أي تزلق فيه القدم. قال طرفة :
أبا منذر رمت الوفاء فهبته
...
وحدت كما حاد البعير عن الدحض