الثالثة ـ قوله تعالى :﴿مِنْ وَرَائي﴾ قرأ ابن كثير بالمد والهمز وفتح الياء. وعنه أنه قرأ أيضا مقصورا مفتوح الياء مثل عصاي. الباقون بالهمز والمد وسكون الياء. والقراء على قراءة ﴿خفت﴾ مثل نمت إلا ما ذكرنا عن عثمان. وهي قراءة شاذة بعيدة جدا ؛ حتى زعم بعض العلماء أنها لا تجوز. قال كيف يقول : خفت الموالي من بعدي أي من بعد موتي وهو حي ؟ !. النحاس : والتأويل لها ألا يعني بقوله :﴿مِنْ وَرَائي﴾ أي من بعد موتى، ولكن من ورائي في ذلك الوقت ؛ وهذا أيضا بعيد يحتاج إلى دليل أنهم خفوا في ذلك الوقت وقلوا، وقد أخبر الله تعالى بما يدل على الكثرة حين قالوا ﴿أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾. ابن عطية :﴿مِنْ وَرَائي﴾ من بعدي في الزمن، فهو الوراء على ما تقدم في "الكهف".
الرابعة ـ قوله تعالى :﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً﴾ امرأته هي إيشاع بنت فاقوذا بن قبيل، وهي أخت حنة بنت فاقوذا ؛ قاله الطبري. وحنة هي أم مريم حسب ما تقدم في "آل عمران" بيانه. وقال القتبي : امرأة زكريا هي إيشاع بنت عمران، فعلى هذا القول يكون يحيى ابن خالة عيسى عليهما السلام على الحقيقة. وعلى القول الآخر يكون ابن خالة أمه. وفي حديث الإسراء قال عليه الصلاة والسلام :"فلقيت ابني الخالة يحيى وعيسى" شاهدا للقول الأول. والله أعلم. والعاقر التي لا تلد لكبر سنها ؛ وقد مضى بيانه في "آل عمران". والعاقر من النساء أيضا التي لا تلد من غير كبر. ومنه قوله تعالى :﴿وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً﴾ وكذلك العاقر من الرجال ؛ ومنه قول عامر بن الطفيل :
لبئس الفتى إن كنت أعور عاقرا
...
جبانا فما عذري لدى كل محضر
الخامس ـ قوله تعالى :﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً﴾ سؤال ودعاء. ولم يصرح بولد لما علم من حال وبعده عنه بسبب المرأة. قال قتادة : جرى له هذا الأمر وهو ابن بضع وسبعين سنة. مقاتل : خمس وتسعين سنة ؛ وهو أشبه ؛ فقد كان غلب على ظنه انه لا يولد له لكبره ؛ ولذلك قال :﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً﴾. وقالت طائفة : بل طلب الولد،


الصفحة التالية
Icon