وإن أكل تفاحا أو خوخا أو مشمشا أو تينا أو إجاصا يحنث. وكذلك البطيخ ؛ لأن هذه الأشياء كلها تؤكل على جهة التفكه قبل الطعام وبعده ؛ فكانت فاكهة. وكذلك يابس هذه الأشياء إلا البطيخ اليابس لأن ذلك لا يؤكل إلا في بعض البلدان. ولا يحنث بأكل البطيخ الهندي لأنه لا يعد من الفواكه. وإن أكل عنبا أو رمانا أو رطبا لا يحنث. وخالفه صاحباه فقالا يحنث ؛ لأن هذه الأشياء من أعز الفواكه، وتؤكل على وجه التنعم. والإفراد لها بالذكر في كتاب الله عز جل لكمال معانيها ؛ كتخصيص جبريل وميكائيل من الملائكة. واحتج أبو حنيفة بأن قال : عطف هذه الأشياء على الفاكهة مرة فقال :﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن : ٦٨] ومرة عطف الفاكهة على هذه الأشياء فقال :﴿وَفَاكِهَةً وَأَبّاً﴾ [عبس : ٣١] والمعطوف غير المعطوف عليه، ولا يليق بالحكمة ذكر الشيء الواحد بلفظين مختلفين في موضع المنة. والعنب والرمان يكتفى بهما في بعض البلدان فلا يكون فاكهة ؛ ولأن ما كان فاكهة لا فرق بين رطبه ويابسه، ويابس هذه الأشياء لا يعد فاكهة فكذلك رطبها.
الآية : ٢٠ ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ﴾
فيه ست مسائل :-
الأولى : قوله تعالى :﴿وَشَجَرَةً﴾ شجرة عطف على جنات. وأجاز الفراء الرفع لأنه لم يظهر الفعل، بمعنى وثم شجرة ؛ ويريد بها شجرة الزيتون. وأفردها بالذكر لعظيم منافعها في أرض الشام والحجاز وغيرهما من البلاد، وقلة تعاهدها بالسقي والحفر وغير ذلك من المراعاة في سائر الأشجار. ﴿تَخْرُجُ﴾ في موضع الصفة. ﴿مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ﴾ أي أنبتها الله في الأصل من هذا الجبل الذي بارك الله فيه. وطور سيناء من أرض الشام وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام ؛ قال ابن عباس وغيره، وقد تقدم في البقرة والأعراف. والطور الجبل في كلام العرب. وقيل : هو مما عرب من كلام العجم. وقال ابن زيد : هو جبل


الصفحة التالية
Icon