يعنون نوحا ﴿إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ﴾ أي جنون لا يدري ما يقول.﴿فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ﴾ أي انتظروا موته. وقيل : حتى يستبين جنونه. وقال الفراء : ليس يراد بالحين ها هنا وقت بعينه، إنما هو كقول : دعه إلى يوم ما. فقال حين تمادوا على كفرهم :﴿رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ﴾ أي انتقم ممن لم يطعن ولم يسمع رسالتي. ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ﴾ أي أرسلنا إليه رسلا من السماء ﴿أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ﴾ على ما تقدم بيانه.
قوله تعالى :﴿فَاسْلُكْ فِيهَا﴾ أي أدخل فيها واجعل فيها ؛ يقال : سلكته في كذا وأسلكته فيه في كذا وأسلكته فيه إذا أدخلته. قال عبد مناف بن ربع الهذلي :

حتى إذا أسلكوهم في قتائدة شلا كما تطرد الجمالة الشردا
﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ قرأ حفص ﴿ مِنْ كُلٍّ﴾ بالتنوين، الباقون بالإضافة ؛ وقد ذكر. وقال الحسن : لم يحتمل نوج في السفينة إلا ما يلد ويبيض، فأما البق والذباب والدود فلم يحمل شيئا منها، وإنما خرج من الطين. وقد مضى القول في السفينة والكلام فيها مستوفى، والحمد لله.
الآية : ٢٨ ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾
قوله تعالى :﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ﴾ أي علوت. ﴿أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ﴾ راكبين. ﴿فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ أي احمدوا الله على تخليصه إياكم. ﴿الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ ومن الغرق. والحمد لله : كلمة كل شاكر لله. وقد مضى في الفاتحة بيانه.
الآية : ٢٩ ﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾
قوله تعالى :﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكاً﴾ قراءة العامة ﴿مُنْزَلاً﴾ بضم الميم وفتح الزاي، على المصدر الذي هو الإنزال ؛ أي انزلني إنزالا مباركا. وقرأ زر بن حبيش وأبو بكر


الصفحة التالية
Icon