والخبر ﴿أنّ﴾ وصلتها ؛ ومعنى المخففة كمعنى المثقلة لأن معناها أنه. وقرأ أبو عبد الرحمن وطلحة وعاصم في رواية حفص ﴿وَالْخَامِسَةَ﴾ بالنصب، بمعنى وتشهد الشهادة الخامسة. الباقون بالرفع على الابتداء، والخبر في ﴿أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ ؛ أي والشهادة الخامسة قول لعنة الله عليه.
الثانية : في سبب نزولها، وهو ما رواه أبو داود عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي ﷺ بشريك بن سحماء ؛ فقال النبي ﷺ :"البينة أو حد في ظهرك" قال : يا رسول الله، إذا رأى أحدنا رجلا على امرأته يلتمس البينة فجعل النبي ﷺ يقول :"البينة وإلا حد في ظهرك" فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولينزلن الله في أمري ما يبرئ ظهري من الحد ؛ فنزلت ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ﴾ فقرأ حتى بلغ ﴿مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ الحديث بكماله. وقيل : لما نزلت الآية المتقدمة في الذين يرمون المحصنات وتناول ظاهرها الأزواج وغيرهم قال سعد بن معاذ : يا رسول الله، إن وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة والله لأضربنه بالسيف غير مصفح عنه. فقال رسول الله ﷺ :"أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني". وفي ألفاظ سعد روايات مختلفة، هذا نحو معناها. ثم جاء من بعد ذلك هلال بن أمية الواقفي فرمى زوجته بشريك بن سحماء البلوي على ما ذكرنا، وعزم النبي ﷺ على ضربه حد القذف ؛ فنزلت هذه الآية عند ذلك، فجمعهما رسول الله ﷺ في المسجد وتلاعنا، فتلكأت المرأة عند الخامسة لما وعظت وقيل إنها موجبة ؛ ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم ؛ فالتعنت وفرق رسول الله ﷺ بينهما، وولدت غلاما كأنه جمل أورق - على النعت المكروه - ثم كان الغلام بعد ذلك أميرا بمصر، وهو لا يعرف لنفسه أبا. وجاء أيضا عويمر العجلاني فرمى امرأته ولاعن. والمشهور أن نازلة هلال كانت قبل، وأنها سبب الآية. وقيل : نازلة عويمر بن أشقر كانت قبل ؛ وهو حديث صحيح مشهور خرجه الأئمة