يجزى في ذلك حيضة. وقال مالك أيضا : لا ينفيه إلا بثلاث حيض. والصحيح الأول ؛ لأن براءة الرحم من الشغل يقع بها كما في استبراء الأمة، وإنما راعينا الثلاث حيض في العدد لحكم آخر يأتي بيانه في الطلاق إن شاء الله تعالى. وحكى اللخمي عن مالك أنه قال مرة : لا يُنفى الولد بالاستبراء ؛ لأن الحيض يأتي على الحمل. وبه قال أشهب في كتاب ابن المواز، وقاله المغيرة. وقال : لا ينفى الولد إلا بخمس سنين لأنه أكثر مدة الحمل على ما تقدم.
الخامسة : اللعان عندنا يكون في كل زوجين حرين كانا أو عبد ين، مؤمنين أو كافرين، فاسقين أو عدلين. وبه قال الشافعي. ولا لعان بين الرجل وأمته، ولا بينه وبين أم ولده. وقيل : لا ينتفي ولد الأمة عنه إلا بيمين واحدة ؛ بخلاف اللعان. وقد قيل : إنه إذا نفى ولد أم الولد لاعن. والأول تحصيل مذهب مالك وهو الصواب. وقال أبو حنيفة : لا يصح اللعان إلا من زوجين حرين مسلمين ؛ وذلك لأن اللعان عنده شهادة، وعندنا وعند الشافعي يمين، فكل من صحت يمينه صح قذفه ولعانه. واتفقوا على أنه لا بد أن يكونا مكلفين. وفي قوله :"وجد مع امرأته رجلا". دليل على أن الملاعنة تجب على كل زوجين ؛ لأنه لم يخص رجلا من رجل ولا امرأه من امرأة، ونزلت آية اللعان على هذا الجواب فقال :﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ﴾ ولم يخص زوجا من زوج. وإلى هذا ذهب مالك وأهل المدينة ؛ وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور. وأيضا فإن اللعان يوجب فسخ النكاح فأشبه الطلاق ؛ فكل من يجوز طلاقه يجوز لعانه. واللعان أيمان لا شهادات ؛ قال الله تعالى وهو أصدق القائلين :﴿لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا﴾ [المائدة : ١٠٧] أي أيماننا. وقال تعالى :﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ [المنافقون : ١]. ثم قال تعالى :﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ﴾ [المجادلة : ١٦].