وقد اختلف الناس فيه هل خاض في الإفك أم لا، وهل جلد الحد أم لا ؛ فالله أعلم أي ذلك كان : وهي المسألة :
السادسة : فروى محمد بن إسحاق وغيره أن النبي ﷺ جلد في الإفك رجلين وامرأة : مسطحا وحسان وحمنة، وذكره الترمذي وذكر القشيري عن ابن عباس قال : جلد رسول الله ﷺ ابن أبي ثمانين جلدة، وله في الآخرة عذاب النار. قال القشيري : والذي ثبت في الأخبار أنه ضرب ابن أبي وضرب حسان وحمنة، وأما مسطح فلم يثبت عنه قذف صريح، ولكنه كان يسمع ويشيع من غير تصريح. قال الماوردي وغيره : اختلفوا هل حد النبي ﷺ أصحاب الإفك ؛ على قولين : أحدهما أنه لم يحد أحدا من أصحاب الإفك لأن الحدود إنما تقام بإقرار أو ببينة، ولم يتعبده الله أن يقيمها بإخباره عنها ؛ كما لم يتعبده بقتل المنافقين، وقد أخبره بكفرهم.
قلت : وهذا فاسد مخالف لنص القرآن ؛ فإن الله عز وجل يقول :﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ أي على صدق قولهم :﴿فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً﴾. والقول الثاني : أن النبي ﷺ حد أهل الإفك عبد الله بن أبي ومسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش ؛ وفي ذلك قال شاعر من المسلمين :
لقد ذاق حسان الذي كان أهله | وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح |
وابن سلول ذاق في الحد خزية | كما خاض في إفك من القول يفصح |
تعاطوا برجم الغيب زوج نبيهم | وسخطة ذي العرش الكريم فأبرحوا |
وآذوا رسول الله فيها فجلدوا | مخازي تبقى عمموها وفضحوا |
فصب عليهم محصدات كأنها | شآبيب قطر من ذرى المزن تسفح |