أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله تعالى فكل من سبها بما برأها الله منه مكذب لله، ومن كذب الله فهو كافر ؛ فهذا طريق قول مالك، وهي سبيل لائحة لأهل البصائر. ولو أن رجلا سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب.
الثامنة عشرة : قوله تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ﴾ أي تفشو ؛ يقال : شاع الشيء شيوعا وشيعا وشيعانا وشيوعه ؛ أي ظهر وتفرق. ﴿فِي الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي في المحصنين والمحصنات. والمراد بهذا اللفظ العام عائشة وصفوان رضي الله عنهما. والفاحشة : الفعل القبيح المفرط القبح. وقيل : الفاحشة في هذه الآية القول السيء. ﴿لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا﴾ أي الحد. وفي الآخرة عذاب النار ؛ أي للمنافقين، فهو مخصوص. وقد بينا أن الحد للمؤمنين كفارة. وقال الطبري : معناه إن مات مصرا غير تائب.
التاسعة عشرة : قوله تعالى :﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ﴾ أي يعلم مقدار عظم هذا الذنب والمجازاة عليه ويعلم كل شيء. ﴿وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ روي من حديث أبي الدرداء أن رسول الله ﷺ قال :"أيما رجل شد عضد امرئ من الناس في خصومة لا علم له بها فهو في سخط الله حتى ينزع عنها. وأيما رجل قال بشفاعته دون حد من حدود الله أن يقام فقد عاند الله حقا وأقدم على سخطه وعليه لعنة الله تتابع إلى يوم القيامة. وأيما رجل أشاع عل رجل مسلم كلمة وهو منها بريء يرى أن يشينه بها في الدنيا كان حقا على الله تعالى أن يرميه بها في النار - ثم تلا مصداقه من كتاب الله تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا﴾ " الآية.
الموفية عشرين : قوله تعالى :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ يعني مسالكه ومذاهبه ؛ المعنى : لا تسلكوا الطريق الذي يدعوكم إليها الشيطان. وواحد الخطوات خطوة هو ما بين القدمين. والخطوة "بالفتح" المصدر ؛ يقال : خطوت خطوة، وجمعها خطوات. وتخطى إلينا فلان ؛ ومنه الحديث أنه رأى رجلا يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة.