الثانية : قوله تعالى :﴿لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ قال العلماء : إن كان المراد بهذه الآية المؤمنين من القذفة فالمراد باللعنة الإبعاد وضرب الحد واستيحاش المؤمنين منهم وهجرهم لهم، وزوالهم عن رتبه العدالة والبعد عن الثناء الحسن على ألسنة المؤمنين. وعلى قول من قال : هي خاصة لعائشة تترتب هذه الشدائد في جانب عبد الله بن أبيّ وأشباهه. وعلى قول من قال : نزلت في مشركي مكة فلا كلام، فإنهم مبعدون، ولهم في الآخرة عذاب عظيم ؛ ومن أسلم فالإسلام يجب ما قبله. وقال أبو جعفر النحاس : من أحسن ما قيل في تأويل هذه الآية إنه عام لجميع الناس القذفة من ذكر وأنثى ؛ ويكون التقدير : إن الذين يرمون الأنفس المحصنات، فدخل في هذا المذكر والمؤنث، وكذا في الذين يرمون ؛ إلا أنه غلب المذكر على المؤنث.
الآية : ٢٤ ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
قراءة العامة بالتاء، واختاره أبو حاتم. وقرأ الأعمش ويحيى وحمزة والكسائي وخلف ﴿يَشْهَد﴾ بالياء، واختاره أبو عبيد ؛ لأن الجار والمجرور قد حال بين الاسم والفعل، والمعنى : يوم تشهد ألسنة بعضهم على بعض بما كانوا يعملون من القذف والبهتان. وقيل : تشهد عليهم ألسنتهم ذلك اليوم بما تكلموا به. ﴿وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ﴾ أي وتتكلم الجوارح بما عملوا في الدنيا.
الآية : ٢٥ ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾
أي حسابهم وجزاؤهم. وقرأ مجاهد ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقُّ﴾ برفع ﴿الحق﴾ على أنه نعت لله عز وجل. قال أبو عبيد : ولولا كراهة خلاف الناس لكان الوجه الرفع ؛ ليكون نعتا لله عز وجل، وتكون موافقة لقراءة أبيّ، وذلك أن جرير بن حازم قال : رأيت في مصحف أبيّ ﴿يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ الحَقُّ دِينَهُمْ﴾. قال النحاس : وهذا الكلام من أبي عبيد غير