إلى الإيمان وقال أبو علي :﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ﴾ أو كذي ظلمات ودل على هذا المضاف قوله تعالى :﴿إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ﴾ فالكناية تعود إلى المضاف المحذوف. قال القشيري : فعند الزجاج التمثيل وقع لأعمال الكفار، وعند الجرجاني لكفر الكافر، وعند أبي علي للكافر. وقال ابن عباس في رواية : هذا مثل قلب الكافر. ﴿فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ قيل : هو منسوب اللجة، وهو الذي لا يدرك قعره. واللجة معظم الماء، والجمع لجج. والتج البحر إذا تلاطمت أمواجه ؛ ومنه ما روي عن النبي أنه قال :"من ركب البحر إذا التج فقد برئت منه الذمة". والتج الأمر إذا عظم واختلط. وقوله تعالى :﴿حَسِبَتْهُ لُجَّةً﴾ [النمل : ٤٤] أي ما له عمق. ولججت السفينة أي خاضت اللجة "بضم اللام". فأما اللجة "بفتح اللام" فأصوات الناس يقول : سمعت لجة الناس أي أصواتهم وصخبهم. قال أبو النجم :
في لجة أمسك فلانا عن فل
وانتجت الأصوات أي اختلطت وعظمت. ﴿يَغْشَاهُ مَوْجٌ﴾ أي يعلو ذلك البحر اللجي موج. ﴿مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ﴾ أي من فوق الموج موج، ومن فوق هذا الموج الثاني سحاب ؛ فيجتمع خوف الموج وخوف الريح وخوف السحاب. وقيل : المعنى يغشاه موج من بعده موج ؛ فيكون المعنى : الموج يتبع بعضه بعضا حتى كأن بعضه فوق بعض، وهو أخوف ما يكون إذا توالى موجه وتقارب ومن فوق هذا الموج سحاب. وهو أعظم للخوف من وجهين : أحدهما : أنه قد غطى النجوم التي يهتدي بها. الثاني : الريح التي تنشأ مع السحاب والمطر الذي ينزل منه. ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾ قرأ ابن محيصن والبزي عن ابن كثير ﴿سَحَابُ ظُلُمَاتٍ﴾ بالإضافة والخفض. قنبل ﴿سَحَابٌ﴾ منونا ﴿طُلُمَاتٍ﴾ بالجر والتنوين. الباقون بالرفع والتنوين. قال المهدوي : من قرأ ﴿مِنْ فَوْقِهِ سَحَابُ ظُلُمَاتٍ﴾ بالإضافة فلأن السحاب يرتفع وقت هذه الظلمات فأضيف إليها ؛ كما يقال : سحاب رحمة إذا ارتفع في وقت المطر. ومن قرأ ﴿سَحَابٌ ظُلُمَاتٍ﴾ جر ﴿ظُلُمَات﴾ على التأكيد لـ ﴿ظلمات﴾


الصفحة التالية
Icon