قوله تعالى :﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً﴾ ذكر من حججه شيئا آخر ؛ أي ألم تر بعيني قلبك. ﴿يُزْجِي سَحَاباً﴾ أي يسوق إلى حيث يشاء. والريح تزجي السحاب، والبقرة تزجي ولدها أي تسوقه. ومنه زجا الخراج يزجو زجاء - ممدودا - إذا تيسرت جبايته. وقال النابغة :
إني أتيتك من أهلي ومن وطني | أزجي حشاشة نفس ما بها رمق |
أسرت عليه من الجوزاء سارية | تزجي الشمال عليه جامد البرد |
... بين الدخول فحومل
فأوقع ﴿بين﴾ على الدخول، وهو واحد لاشتماله على مواضع. وكما تقول : ما زلت أدور بين الكوفة لأن الكوفة أماكن كثيرة ؛ قال الزجاج وغيره. وزعم الأصمعي أن هذا لا يجوز وكان يروى :
... بين الدخول وحومل
﴿ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً﴾ أي مجتمعا، يركب بعضه بعضا ؛ كقوله تعالى :﴿وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ﴾ [الطور : ٤٤]. والركم جمع الشيء ؛ يقال منه : ركم الشيء يركمه ركما إذا جمعه وألقى بعضه على بعض. وارتكم الشيء وتراكم إذا اجتمع. والركمة الطين المجموع. والركام : الرمل المتراكم. وكذلك السحاب وما أشبهه. ومرتكم الطريق - بفتح الكاف - جادته. ﴿فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ﴾ في ﴿الْوَدْقَ﴾ قولان : أحدهما : أنه البرق ؛ قاله أبو الأشهب العقيلي. ومنه قول الشاعر :
أثرنا عجاجة وخرجن منها | خروج الودق من خلل السحاب |